الطبيب، أو حصر أوامر الذهاب بالذهاب إلى الطبيب. فتأمل. وما نحن فيه من قبيل الأول، فان الظاهر أن الغرض المسوق له الكلام هو بيان انحصار العبادة بعبادة الله ونفي عبادة غيره، ولزوم الاخلاص في عبادته جل اسمه وعدم اشراك غيره فيها، لا بيان أصل العبادة فتكون الآية ظاهرة في أن الامر العبادي انما كان لاجل تحقق عبادة الله تعالى. فلا دلالة لها على أن مطلق الأوامر عبادية كما لا يخفى.
الوجه الرابع: الروايات كقوله (ص): (انما الاعمال بالنيات) (1) وقوله (ص): (لكل امرئ ما نوى) (2) وقوله (ص): (لا عمل إلا بنية) (3) ونحو ذلك مما يدل على توقف العمل على نية القربة إلا ما خرج بالدليل الخاص المخصص.
وقد ناقش الشيخ (رحمه الله) في دلالتها على المدعى بكلام مفصل حاصله: ان الكلام لو حمل على ظاهره من توقف تحقق العمل على نية القربة وقصد التقرب بحيث لا يتحقق عمل بدونها، فهو كاذب قطعا، لان الاعمال تحصل بدون قصد القربة، بل بدون نية أصلا، لأنها أمور واقعية تحصل بأسبابها.
وان أريد منها نفي صحة العمل بدون نية القربة لا نفي أصل العمل لزم تخصيص الأكثر بنحو مستهجن جدا، لان الاعمال الشرعية العبادية قليلة جدا ونسبتها إلى غير العبادية منها نسبة متفاوتة جدا، فلا معنى لهذا العموم وبهذا اللسان مع إرادة افراد قليلة منه لصحة الواجب التوصلي بدون نية القربة، إذ لا يعتبر فيه قصد التقرب، وانما المتوقف صحته على قصد التقرب هو الأفعال .