الدواعي، وغاية ما يمكن دعواه: هو ان الصيغة موضوعة لانشاء الطلب بداعي البعث والتحريك، فإذا كان الانشاء بداع آخر لزم المجاز، ولكنه لا بمعنى استعمالها في التهديد ونحوه، بل كل هذه الأمور خارجة عن دائرة المستعمل فيه.
ثم أضاف (قدس سره) إلى ذلك تأتي ما ذكره في جميع الصيغ الانشائية، فالمستعمل فيه صيغة الاستفهام هو مفهوم الاستفهام بقصد انشائه، وانما يختلف الداعي إلى ذلك، فتارة: يكون ثبوت الاستفهام حقيقة. وأخرى: يكون بداع آخر كالاستنكار أو التقرير أو نحوهما. وهكذا الحال في صيغ التمني والترجي وغيرهما. ومن هنا يظهر انه لا وجه للالتزام بانسلاخ صيغ الاستفهام عن معانيها إذا وردت في كلامه تعالى واستعمالها في غيرها - كما أشار إليه الشيخ في رسائله، في مبحث حجية خبر الواحد، في آية النفر حيث قال: (ان لعل - بعد انسلاخها عن معنى الترجي - ظاهرة في كون مدخولها محبوبا للمتكلم (1) -، لاستحالة ثبوت الاستفهام حقيقة في حقه تعالى، لانتهائه إلى الجهل. واستحالة ثبوت الترجي والتمني حقيقة في حقه لانتهائه إلى العجز كما لا يخفى، وتعالى الله عنهما علوا كبيرا. وذلك لان معانيها ليس إلا الفرد الانشائي لا الحقيقي، والمستحيل في حقه هو الحقيقي منها دون الانشائي، فالمستعمل فيه في كلامه تعالى وفي كلام غيره واحد، إلا أن الداعي في كلامه لا يمكن أن يكون ثبوت الصفات حقيقة، بل يكون شيئا آخر كالاستنكار وإظهار المحبة، كما يقال في سؤاله تعالى لموسى (ع) عن ما في يمينه. فلاحظ (2).
والتحقيق: انه لا بد أولا من معرفة صحة ما ذكره من كون الصيغة مستعملة لايجاد الطلب انشاء، وانما يختلف الداعي إليه، وان ذلك معقول ثبوتا .