قد سند إلى ما لا يقع في الزمان كنفس الزمان، فيقال مضى الزمان، ويأتي، وكالمجردات عن الزمان كالذات المقدسة، فيقال: علم الله سبحانه، فلو دل الفعل على الزمان لم يصح اسناده إلى مثل الزمان والمجردات إلا بالتصرف فيه بتجريده عن الخصوصية، في حين انه لا يرى العرف في الاستعمال المذكور والاسناد أي تصرف ومسامحة.
وقد أيد صاحب الكفاية ما ذكره من نفي دلالة الفعل على الزمان: بأنه لا معنى لما يقال من أن المضارع للحال والاستقبال إذا أريد منه انه يدل على زمان يعمها، إذ لا جامع بينهما. كما أيده بأنه قد يكون زمان الفعل الماضي مستقبلا وزمان المضارع ماضيا، وانما يكون الأول ماضيا والثاني مستقبلا بالإضافة كما لو قيل: (يجئ زيد بعد أسبوع وقد ضرب قبله بيوم)، و: (جاء زيد قبل سنة وهو يضرب بعده بيوم). فلاحظ (1).
وبالجملة ما ذكره صاحب الكفاية من نفي دلالة الفعل على الزمان مما لا اشكال فيه. فيتسائل حينئذ: بأنه إذا لم يكن الفعل دالا على الزمان وانما كان دالا على خصوص نسبة المبدأ إلى الذات، فما هي جهة الفرق المحسوس بين الفعل الماضي والمضارع، إذ من الواضح وجود الفرق بينهما وعدم صحة استعمال أحدهما مكان الاخر؟. وقد أجيب عن ذلك: بان لكل من الفعل الماضي والمضارع خصوصية بحسب معناه تختلف عنها في الاخر تلازم هذه الخصوصية الزمان الماضي في الفعل الماضي والحال أو الاستقبال في المضارع في ما يقبل الزمان من الفواعل كالزمانيات. وتلك الخصوصية هي جهة الفرق بين الفعلين (2).
وقد وقع الكلام في الكشف عن هذه الخصوصية وبيان حقيقتها.
فقيل: انها تحقق الفعل في الماضي وترقبه في المضارع، وتحقق الفعل من .