هذا محصل كلامه. ولكنه غير سديد، وذلك لان حقيقة الاستعمال وكونها افناء اللفظ في المعنى أو جعل اللفظ علامة للمعنى لا ترتبط بحقيقة الوضع ولا تبتني عليها أصلا ولم يظهر وجه الملازمة بينهما، بل يمكن دعوى أن الاستعمال افناء اللفظ في المعنى ولو ادعى ان الوضع هو التعهد، إذ ما يحصل بالوضع أيا كانت حقيقته هو العلاقة بين اللفظ والمعنى والارتباط بينهما، فيكون اللفظ قابلا للكشف عن المعنى، فيتكلم حينئذ ان الاستعمال هل هو جعل اللفظ علامة للمعنى أو جعله مرآتا له؟، سواء كان الوضع هو التعهد أو غيره، وما يستدل به على أحد الطرفين في باب الاستعمال جار على جميع تقادير الوضع، وما ادعي من الملازمة لا يعلم له وجه.
ويشهد لذلك: بعض الموارد العرفية، فمثلا لو تعهد شخص بأنه متى ما أراد أن يقرأ فهو يضع النظارة على عينيه ويستعملها، أو متى ما أراد أن يرى وجهه يستعمل المرآة، فإنه إذا استعمل النظارة أو المرآة جريا على طبق تعهده لا يشك أحد أن كلا من النظارة والمرآة يكون فانيا في المقصود الأصلي وملحوظا طريقا وآلة إليه، مع أن الاستعمال كان جريا على طبق التعهد والالتزام النفسي لا شئ آخر. فان ذلك دليل على أن التعهد لا يلازم تعلق النظر الاستقلالي بالمستعمل ولا يتنافى مع تعلق النظر الآلي به.
كما يدل على ما ذكرناه: ان عنوان النزاع أعم من الوضع، لأنه يتعدى إلى الاستعمال في المعنى الحقيقي والمجازي أو المعنيين المجازيين، مع أنه لا وضع ههنا كي يبتنى جواز الاستعمال وعدمه على تحقيق حقيقته. ومقتضى ما ذكر عدم جريان النزاع في ذلك المورد مع أن جريانه وتأتي كلا القولين في الاستعمال أمر لا شبهة فيه ولا توقف عنده، فتدبر.
ونتيجة ما ذكرناه: ان البناء على امكان استعمال اللفظ في أكثر من معنى وامتناعه يبتني على تحقيق ان الاستعمال هل هو جعل اللفظ علامة للمعنى أو