جعله فانيا فيه؟، فيجوز الاستعمال في أكثر من معنى على الأول لعدم المحذور فيه كما قدمنا، ويمتنع على الثاني لمحذور اجتماع اللحاظين في آن واحد. وبما أن صاحب الكفاية اختار الثاني بنى على الامتناع عقلا. كما أنه قد تقدم منا في أوائل مبحث الوضع ان الاستعمال جعل اللفظ طريقا وفانيا في المعنى، فالمتعين الالتزام بامتناع الاستعمال في أكثر من معنى عقلا ولا يفرق في ذلك بين المفرد وغيره والمعنى الحقيقي والمجازي لسريان المحذور في جميع صور الاستعمال بلا فرق.
ثم إنه لو تنزلنا وقلنا بامكان استعمال اللفظ في أكثر من معنى بمقتضى الحكم العقلي، فما هو حكم ذلك بحسب القواعد الأدبية وبمقتضى أصل الوضع؟. الحق هو الجواز، إذ لا مانع من ذلك، الا ما قيل من أن اللفظ موضوع للمعنى بقيد الوحدة فاستعماله في أكثر من معنى فيه إلغاء لقيد الوحدة، فلا يكون الاستعمال فيما وضع له اللفظ ولكنه موهون جدا، إذ فيه:
أولا: ان الموضوع له ذات المعنى بلا لحاظ قيد الوحدة فيه. ويدل على ذلك مراجعة الوجدان، وتبادر أهل العرف في عملية الوضع، فان الانسان حال الوضع لا يلحظ سوى ذات المعنى ويضع له اللفظ.
وثانيا: انه لو سلم كون الموضوع له هو المعنى بقيد الوحدة، فلا يستلزم منع استعمال اللفظ في أكثر من معنى، إذ يكون حينئذ استعمالا مجازيا للمحافظة على ذات الموضوع له ولا مانع منه. فتأمل. وهناك إيرادات تذكر على هذا الاشكال لا حاجة إلى التعرض إليها لوضوح وهن الاشكال.
واما البحث في تحقيق مقتضى الظهور العرفي للكلام بعد تسليم الجواز، وان الظاهر من الكلام عند عدم القرينة جميع المعاني الموضوع لها اللفظ أو أحدها غير المعين فيكون الكلام مجملا؟ كما تعرض إليه السيد الخوئي (حفظه .