إدعاء التبادر وعدم صحة السلب.
وعليه، فالالتزام بأحد الطرفين مما لا يمكن الجزم به وفرضه، بل أمر يوكل إلى ما يلمسه وجدان كل فرد من أهل العرف.
واما الوجه الثالث: فهو وجه أشبه بالبرهاني، والاستدلال بالطائفة الثانية واضح التقريب، ولكنه قابل للخدشة بأنه من المعلوم ان الصلاة الصحيحة يتحقق بدون فاتحة الكتاب في بعض الحالات، فلا يمكن ان يراد نفي الحقيقة بانتفاء فاتحة الكتاب حتى على القول بالصحيح، إذ الجامع يشمل الفاقدة والواجدة فكيف يقيد بالواجدة؟. فلا بد أن يكون النفي راجعا إلى غير الحقيقة من الكمال أو غيره. فتدبر.
وانما الاشكال في تقريب الاستدلال بالطائفة الأولى من الاخبار. فقد قرب: بأنه حيث يعلم بان المراد من: (الصلاة) في الحديث خصوص الصلاة الصحيحة، لان الأثر انما يترتب عليها، وعليه فيدور الامر بين الوضع لخصوص الصحيح فيكون الاستعمال حقيقيا والوضع للأعم فيكون مجازيا لعدم إرادة الأعم. وبما أن ظاهر الاستعمال كونه حقيقيا - كما هو مقتضى أصالة الحقيقة - يستكشف من استعمال اللفظ في الرواية في خصوص الصحيح الوضع لخصوصه.
وللاشكال في هذا التقريب مجال واسع، فان أصالة الحقيقة انما تجري مع الشك في المراد وانه المعنى الحقيقي أو المجازي. اما في مورد يعلم بالمراد إلا أنه يشك في كونه بنحو الحقيقة أو المجاز فلم يثبت جريان أصالة الحقيقة فيه، وما نحن فيه من قبيل الثاني للعلم بان المراد هو الصلاة الصحيحة وانما الشك في كونه بنحو الحقيقة أو المجاز للشك في الوضع لخصوص الصحيح أو الأعم فلا تجري فيه أصالة الحقيقة، بل هو مورد لما اشتهر من قولهم: (الاستعمال أعم من الحقيقة والمجاز).
مضافا إلى أن الامر لا يدور بين الحقيقة والمجاز، لان إرادة الصحيح مع