فقيل له: اقتل الرجل الذي استعدى، فقال: إن هذه رؤيا ولست أعجل حتى أتثبت، فأتى الليلة الثانية في منامه فأمر أن يقتل الرجل فلم يفعل، ثم أتى الليلة الثالثة، فقيل له: اقتل الرجل أو تأتيك العقوبة من الله، فأرسل داود إلى الرجل فقال: إن الله أمرني أن أقتلك، قال: تقتلني بغير بينة ولا تثبت؟ قال نعم، والله لأنفذن أمر الله فيك، فقال الرجل: لا تعجل علي حتى أخبرك، إني والله ما أخذت بهذا الذنب ولكني كنت اغتلت والد هذا فقتلته فبذلك أخذت، فأمر به داود فقتل فاشتدت هيبته في بني إسرائيل وشدد به ملكه، فهو قول الله (وشددنا ملكه).
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عنه (وآتيناه الحكمة) قال: أعطى الفهم. وأخرج ابن أبي حاتم والديلمي عن أبي موسى الأشعري قال: أول من قال أما بعد داود عليه السلام (و) هو (فصل الخطاب). وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن سعد وعبد بن حميد وابن المنذر عن الشعبي أنه سمع زياد بن أبيه يقول: فصل الخطاب الذي أوتى داود أما بعد. وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن أبي حاتم عن ابن عباس: أن داود حدث نفسه إذا ابتلى أنه يعتصم، فقيل له: إنك ستبتلى وستعلم اليوم الذي تبتلى فيه فخذ حذرك، فقيل له هذا اليوم الذي تبتلى فيه، فأخذ الزبور ودخل المحراب وأغلق باب المحراب وأخذ الزبور في حجره، وأقعد منصفا: يعني خادما على الباب وقال: لا تأذن لأحد علي اليوم، فبينما هو يقرأ الزبور إذ جاء طائر مذهب كأحسن ما يكون للطير، فيه من كل لون، فجعل يدور بين يديه، فدنا منه فأمكن أن يأخذه، فتناوله بيده ليأخذه فاستوفز الرحمن من خلفه، فأطبق الزبور وقام إليه ليأخذه، فطار فوقع على كوة المحراب، فدنا منه ليأخذه فأفضى فوقع على خص فأشرف عليه لينظر أين وقع؟ فإذا هو بامرأة عند بركتها تغتسل من الحيض، فلما رأت ظله حركت رأسها، فغطت جسدها أجمع بشعرها، وكان زوجها غازيا في سبيل الله، فكتب داود إلى رأس الغزاة: انظر أوريا فاجعله في حملة التابوت وكان حملة التابوت إما أن يفتح عليهم وإما أن يقتلوا، فقدمه في حملة التابوت فقتل، فلما انقضت عدتها خطبها داود، فاشترطت عليه إن ولدت غلاما أن يكون الخليفة من بعده، وأشهدت عليه خمسين من بني إسرائيل وكتب عليه بذلك كتابا، فلما شعر بفتنته أنه أفتتن حتى ولدت سليمان، وشب فتسور عليه الملكان المحراب وكان شأنهما ما قص الله في كتابه وخر داود ساجدا، فغفر الله له وتاب عليه. وأخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الشعب قال:
ما أصاب داود بعد ما أصابه بعد القدر إلا من عجب عجب بنفسه، وذلك أنه قال: يا رب ما من ساعة من ليل ولا نهار إلا وعابد من آل داود يعبدك يصلي لك أو يسبح أو يكبر وذكر أشياء، فكره الله ذلك، فقال: يا داود إن ذلك لم يكن إلا بي فلولا عوني ما قويت عليه، وعزتي وجلالي لأكلنك إلى نفسك يوما، قال: يا رب فأخبرني به، فأخبر به فأصابته الفتنة ذلك اليوم. وأخرج أصل القصة الحكيم والترمذي في نوارد الأصول وابن جرير وابن أبي حاتم عن أنس مرفوعا بإسناد ضعيف. وأخرجها ابن جرير من وجه آخر عن ابن عباس مطولة. وأخرجها جماعة عن جماعة من التابعين. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن مسعود في قوله (إن هذا أخي) قال: على ديني.
وأخرج عبد الرزاق والفريابي وأحمد في الزهد وابن جرير والطبراني عنه قال: ما زاد داود على أن (قال أكفلنيها).
وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس في قوله (أكفلنيها) قال:
ما زاد داود على أن قال: تحول لي عنها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله (وقليل ما هم) يقول: قليل الذي هم فيه، وفي قوله (وظن داود أنما فتناه) قال: اختبرناه. وأخرج أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن مردويه والبيهقي في سننه عنه أيضا أنه قال في السجود في ص ليست من عزائم السجود، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسجد فيها. وأخرج النسائي وابن مردويه بسند جيد عنه أيضا أن