بصرك فرفع بصره، فلما رجع إليه طرفه فإذا هو بسرير (قال نكروا لها عرشها) فنزع منه فصوصه ومرافقه وما كان عليه من شئ ف (قيل) لها (أهكذا عرشك؟ قالت كأنه هو) وأمر الشياطين فجعلوا لها صرحا ممردا من قوارير وجعل فيها تماثيل السمك، ف (قيل لها ادخلي الصرح) فكشفت عن ساقيها فإذا فيها شعر، فعند ذلك أمر بصنعة النورة فصنعت، فقيل لها (إنه صرح ممرد من قوارير قالت رب إني ظلمت نفسي وأسلمت مع سليمان لله رب العالمين) وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله (إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها) قال: إذا أخذوها عنوة أخربوها. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا قال: يقول الرب تبارك وتعالى (وكذلك يفعلون). وأخرج ابن أبي شيبة في المصنف وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضا في قوله (وإني مرسلة إليهم بهدية) قال: أرسلت بلبنة من ذهب، فلما قدموا إذا حيطان المدينة من ذهب فذلك قوله (أتمدونن بمال) الآية.
وقال ثابت البناني أهدت له صفائح الذهب في أوعية الديباج. وقال مجاهد: جواري لباسهن لباس الغلمان وغلمان لباسهم لباس الجواري. وقال عكرمة: أهدت مائتي فرس على كل فرس غلام وجارية، وعلى كل فرس لون ليس على الاخر. وقال سعيد بن جبير: كانت الهدية جواهر، وقيل غير ذلك مما لا فائدة في التطويل بذكره.
وأخرج ابن المنذر من طريق علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في قوله (قبل أن يأتوني مسلمين) قال: طائعين.
وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه قال: اسم العفريت صخر. وأخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه أيضا (قبل أن تقوم من مقامك) قال: من مجلسك. وأخرج ابن أبي حاتم عنه أيضا (قال الذي عنده علم من الكتاب) قال: هو آصف بن برخيا، وكان صديقا يعلم الاسم الأعظم. وأخرج أبو عبيد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال في قراءة ابن مسعود " قال الذي عنده علم من الكتاب أنا أنظر في كتاب ربي، ثم آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك " قال: فتكلم ذلك العالم بكلام دخل العرش في نفق تحت الأرض حتى خرج إليهم. وأخرج عبد بن حميد عن ابن عباس في قوله (قبل أن يرتد إليك طرفك) قال: قال لسليمان انظر إلى السماء، قال: فما أطرف حتى جاءه به فوضعه بين يديه. وأخرج ابن شيبة وابن المنذر وابن عساكر عن ابن عباس قال: لم يجر عرش صاحبة سبأ بين الأرض والسماء، ولكن انشقت به الأرض، فجرى تحت الأرض حتى ظهر بين يدي سليمان.
قوله (نكروا لها عرشها) التنكير التغيير، يقول غيروا سريرها إلى حال تنكره إذا رأته. قيل جعل أعلاه أسلفه وأسفله أعلاه، وقيل غير بزيادة ونقصان. قال الفراء وغيره: إنما أمر بتنكيره لأن الشياطين قالوا له إن في عقلها