انتصاب لوطا: بفعل مضمر معطوف على أرسلنا: أي وأرسلنا لوطا، و (إذ قال) ظرف للفعل المقدر ويجوز أن يقدر أذكر، والمعنى: وأرسلنا لوطا وقت قوله (لقومه أتأتون الفاحشة) أي الفعلة المتناهية في القبح والشناعة، وهم أهل سدوم، وجملة (وأنتم تبصرون) في محل نصب على الحال متضمنة لتأكيد الإنكار: أي وأنتم تعلمون أنها فاحشة. وذلك أعظم لذنوبكم، على أن تبصرون من بصر القلب، وهو العلم، أو بمعنى النظر، لأنهم كانوا لا يستترون حال فعل الفاحشة عتوا وتمردا، وقد تقدم تفسير هذه القصة في الأعراف مستوفى (أئنكم لتأتون الرجال شهوة) فيه تكرير للتوبيخ مع التصريح بأن تلك الفاحشة هي اللواطة، وانتصاب شهوة على العلة: أي للشهوة، أو على أنه صفة لمصدر محذوف: أي إتيانا شهوة، أو أنه بمعنى الحال: أي مشتهين لهم (من دون النساء) أي متجاوزين النساء اللاتي هن محل لذلك (بل أنتم قوم تجهلون) التحريم أو العقوبة على هذه المعصية، واختار الخليل وسيبويه تخفيف الهمزة من أئنكم (فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون) قرأ الجمهور بنصب جواب على أنه خبر كان، واسمها إلا أن قالوا:
أي إلا قولهم. وقرأ ابن أبي إسحاق برفع جواب على أنه اسم كان وخبرها ما بعده، ثم عللوا ما أمروا به بعضهم بعضا من الإخراج بقولهم: إنهم أناس يتطهرون: أي يتنزهون عن أدبار الرجال: قالوا ذلك استهزاء منهم بهم (فأنجيناه وأهله) من العذاب (إلا امرأته قدرناها من الغابرين) أي قدرنا أنها من الباقين في العذاب، ومعنى قدرنا قضينا قرأ الجمهور قدرنا بالتشديد، وقرأ عاصم بالتخفيف. والمعنى واحد مع دلالة زيادة البناء على زيادة المعنى (وأمطرنا عليهم مطرا) هذا التأكيد يدل على شدة المطر وأنه غير معهود (فساء مطر المنذرين) المخصوص بالذم محذوف: أي ساء مطر المنذرين مطرهم، والمراد بالمنذرين الذين أنذروا فلم يقبلوا، وقد مضى بيان هذا كله في الأعراف والشعراء (قل الحمد لله وسلام على عباده) قال الفراء: قال أهل المعاني: قيل للوط قل الحمد لله على هلاكهم، وخالفه جماعة فقالوا: إن هذا خطاب لنبينا صلى الله عليه وآله وسلم: أي قيل الحمد لله على هلاك كفار الأمم الخالية، وسلام على عباده (الذين اصطفى) قال النحاس: وهذا أولى لأن القرآن منزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وكل ما فيه فهو مخاطب به إلا ما لم يصح معناه إلا لغيره. قيل والمراد بعباده الذين اصطفى:
أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، والأولى حمله على العموم، فيدخل في ذلك الأنباء وأتباعهم (الله خير أما