الزجاج: فسوف يكون تكذيبكم لزاما يلزمكم فلا تعطون التوبة، وجمهور القراء على كسر اللام من لزاما، وأنشد أبو عبيدة لصخر:
فاما ينجوا من خسف أرض * فقد لقيا حتوفهما لزاما قال ابن جرير لزاما: عذابا دائما وهلاكا مفنيا يلحق بعضكم ببعض، كقول أبي ذؤيب:
ففاجأه بعادية لزام * كما يتفجر الحوض اللفيف يعنى باللزام الذي يتبع بعضه بعضا، وباللفيف المتساقط من الحجارة المنهدمة. وحكى أبو حاتم عن أبي زيد قال: سمعت أبا السماك يقرأ " لزاما " بفتح اللام. قال أبو جعفر يكون مصدر لزم، والكسر أولى.
وقد أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن مسعود قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أي الذنب أكبر؟ قال: " أن تجعل لله ندا وهو خلقك. قلت: ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قلت: ثم أي؟ قال: أن تزاني حليلة جارك، فأنزل الله تصديق ذلك (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر، ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون) ". وأخرجا وغيرهما أيضا عن ابن عباس أن ناسا من أهل الشرك قد قتلوا فأكثروا وزنوا فأكثروا، ثم أتوا محمدا صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا: إن الذي تقول وتدعو إليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة، فنزلت (والذين لا يدعون) الآية، ونزلت - قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم - الآية. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن عبد الله بن عمرو في قوله (يلق أثاما) قال:
واد في جهنم. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس قال: لما نزلت (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر) الآية اشتد ذلك على المسلمين، فقالوا: ما منا أحد إلا أشرك وقتل وزنى، فأنزل الله - يا عبادي الذين أسرفوا علي أنفسهم - الآية، يقول لهؤلاء الذين أصابوا هذا في الشرك، ثم نزلت هذه الآية (إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات) فأبدلهم الله بالكفر الإسلام، وبالمعصية الطاعة، وبالإنكار المعرفة، وبالجهالة العلم.
وأخرج ابن المنذر والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس قال: قرأناها على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سنين (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما) ثم نزلت (إلا من تاب وآمن) فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فرح بشئ قط فرحه بها، وفرحه - إنا فتحنا لك فتحا مبينا - وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عنه في قوله (فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات) قال: هم المؤمنون كانوا من قبل إيمانهم على السيئات، فرغب الله بهم عن ذلك فحولهم إلى الحسنات، فأبدلهم مكان السيئات الحسنات. وأخرج أحمد وهناد والترمذي وابن جرير والبيهقي في الأسماء والصفات عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " يؤتى بالرجل يوم القيامة، فيقال: اعرضوا عليه صغار ذنوبه، فيعرض عليه صغارها وينحى عنه كبارها، فيقال: عملت يوم كذا كذا، وهو يقر، ليس ينكر، وهو مشفق من الكبائر أن تجيء فيقال: أعطوه بكل سيئة عملها حسنة " والأحاديث في تكفير السيئات وتبديلها بالحسنات كثيرة. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس في قوله (والذين لا يشهدون الزور) قال: إن الزور كان صنما بالمدينة يلعبون حوله كل سبعة أيام، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا مروا به مروا كراما لا ينظرون إليه. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس (والذين يقولون ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين) قال: يعنون من يعمل بالطاعة فتقر به أعيننا في الدنيا والآخرة (واجعلنا للمتقين إماما) قال: أئمة هدى يهتدى بنا ولا تجعلنا أئمة ضلالة، لأنه قال لأهل السعادة - وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا -