أي أصبحت أسماء حراما محرما، وقال آخر:
حنت إلى النخلة القصوى فقلت لها * حجر حرام إلا تلك الدهاريس وقد ذكر سيبويه في باب المصادر المنصوبة بأفعال متروك إظهارها هذه الكلمة وجعلها من جملتها (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا) هذا وعيد آخر، وذلك أنهم كانوا يعملون أعمالا لها صورة الخير: من صلة الرحم، وإغاثة الملهوف وإطعام الطعام وأمثالها، ولم يمنع من الإثابة عليها إلا الكفر الذي هم عليه، فمثلت حالهم وأعمالهم بحال قوم خالفوا سلطانهم واستعصوا عليه فقدم إلى ما معهم من المتاع فأفسده ولم يترك منها شيئا، وإلا فلا قدوم هاهنا. قال الواحدي: معنى قدمنا عمدنا وقصدنا، يقال: قدم فلان إلى أمر كذا إذا قصده أو عمده، ومنه قول الشاعر:
وقدم الخوارج الضلال * إلى عباد ربهم فقالوا إن دماءكم لنا حلال وقيل هو قدوم الملائكة أخبر به عن نفسه تعالى، والهباء واحده هباءة، والجمع أهباء. قال النضر بن شميل:
الهباء التراب الذي تطيره الربح كأنه دخان. وقال الزجاج: هو ما يدخل من الكوة مع ضوء الشمس يشبه الغبار، وكذا قال الأزهري: والمنثور المفرق، والمعنى: أن الله سبحانه أحبط أعمالهم حتى صارت بمنزلة الهباء المنثور، لم يكتف سبحانه بتشبيه عملهم بالهباء حتى وصفه بأنه متفرق متبدد، وقيل إن الهباء ما أذرته الرياح من يابس أوراق الشجر، وقيل هو الماء المهراق، وقيل الرماد. والأول هو الذي ثبت في لغة العرب ونقله العارفون بها. ثم ميز سبحانه حال الأبرار من حال الفجار فقال (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا) أي أفضل منزلا في الجنة (وأحسن مقيلا) أي موضع قائلة، وانتصاب مستقرا على التمييز. قال الأزهري: القيلولة عند العرب الاستراحة نصف النهار إذا اشتد الحر وإن لم يكن مع ذلك يوم. قال النحاس: والكوفيون يجيزون: العسل أحلى من الخل.
وقد أخرج الفريابي وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله (ويوم نحشرهم) الآية، قال: عيسى وعزير والملائكة. وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس (قوما بورا) قال: هلكى. وأخرج عبد الرزاق وابن جرير عن الحسن في قوله (ومن يظلم منكم) قال: هو الشرك.
وأخرج ابن جرير عن ابن جريج قال يشرك. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن قتادة (وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق) يقول: إن الرسل قبل محمد صلى الله عليه وآله وسلم كانوا بهذه المنزلة يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق (وجعلنا بعضكم لبعض فتنة) قال: بلاء.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في الشعب عن الحسن (وجعلنا بعضكم لبعض فتنة) قال: يقول الفقير لو شاء الله لجعلني غنيا مثل فلان، ويقول السقيم لو شاء لجعلني صحيحا مثل فلان، ويقول الأعمى لو شاء الله لجعلني بصيرا مثل فلان. وأخرج ابن المنذر عن ابن عباس في قوله (وعتوا عتوا كبيرا) قال: شدة الكفر. وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد في قوله (يوم يرون الملائكة) قال: يوم القيامة. وأخرج أبي. وأخرج ابن أبي حاتم عن عطية العوفي نحوه. وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد (ويقولون حجرا محجورا) قال: عوذا معاذا، الملائكة تقوله. وفى لفظ قال:
حراما محرما أن تكون البشرى في اليوم إلا للمؤمنين. وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم من طريق عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري في قوله (ويقولون حجرا محجورا) قال: حراما محرما