خالدون) لا تموتون ولا تخرجون منها (وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون) أي يقال لهم يوم القيامة هذه المقالة: أي صارت إليكم كما يصير الميراث إلى الوارث بما كنتم تعملونه في الدنيا من الأعمال الصالحة، واسم الإشارة مبتدأ، والجنة صفته، والتي أورثتموها صفة للجنة، والخبر بما كنتم تعملون، وقيل الخبر الموصول مع صلته، والأول أولى (لكم فيها فاكهة كثيرة) الفاكهة معروفة، وهي الثمار كلها رطبها ويابسها: أي لهم في الجنة سوى الطعام والشراب فاكهة كثيرة الأنواع والأصناف (منها تأكلون) من تبعيضية أو ابتدائية، وقدم الجار لأجل الفاصلة.
وقد أخرج أحمد وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لقريش: " إنه ليس أحد يعبد من دون الله فيه خير، قالوا: ألست تزعم أن عيسى كان نبيا وعبدا من عباد الله صالحا وقد عبدته النصارى؟ فإن كنت صادقا فإنه كآلهتهم، فأنزل الله (ولما ضرب ابن مريم مثلا إذا قومك منه يصدون) قلت: وما يصدون؟ قال: يضجون (وإنه لعلم للساعة) قال: خروج عيسى ابن مريم قبل يوم القيامة ". وأخرج سعيد بن منصور وأحمد وعبد بن حميد والترمذي وصححه، وابن ماجة وابن جرير وابن المنذر والطبراني والحاكم وصححه، وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدال، ثم تلا هذه الآية (ما ضربوه لك إلا جدلا) ".
وقد ورد في ذم الجدال بالباطل أحاديث كثيرة. وأخرج ابن مردويه عن ابن عباس " أن المشركين أتوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا: أرأيت ما نعبد من دون الله أين هم؟ قال: في النار، قالوا: والشمس والقمر؟ قال:
والشمس والقمر قالوا: فعيسى ابن مريم قال: قال الله (إن هو إلا عبد أنعمنا عليه وجعلناه مثلا لبني إسرائيل) " وأخرج الفريابي وسعيد بن منصور ومسدد وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والطبراني من طرق عنه في قوله (وإنه لعلم للساعة) قال: خروج عيسى قبل يوم القيامة. وأخرجه الحاكم وابن مردويه عنه مرفوعا. وأخرج عبد بن حميد عن أبي هريرة نحوه. وأخرج ابن مردويه عن سعد بن معاذ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " إذا كان يوم القيامة انقطعت الأرحام، وقلت الأنساب، وذهبت الأخوة إلا الأخوة في الله، وذلك قوله (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين) ". وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وحميد بن زنجويه في ترغيبه وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي في الشعب عن علي بن أبي طالب في قوله (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين) قال: خليلان مؤمنان وخليلان كافران توفى أحد المؤمنين فبشر بالجنة، فذكر خليله وقال: اللهم إن خليلي فلانا كان يأمرني بطاعتك وطاعة رسولك ويأمرني بالخير وينهاني عن الشر وينبئني أنى ملاقيك، اللهم لا تضله بعدي حتى تريه مثل ما أريتني وترضى عنه كما رضيت عني، فيقال له: اذهب، فلو تعلم ماله عندي لضحكت كثيرا ولبكيت قليلا، ثم يموت الآخر فيجمع بين أرواحهما فيقال: ليثن كل واحد منكما على صاحبه، فيقول كل واحد منهما لصاحبه: نعم الأخ ونعم الصاحب ونعم الخليل، وإذا مات أحد الكافرين بشر بالنار، فيذكر خليله، فيقول: اللهم إن خليلي فلانا كان يأمرني بمعصيتك ومعصية رسولك، ويأمرني بالشر وينهاني عن الخير وينبئني أني غير ملاقيك، اللهم فلا تهده بعدي حتى تريه مثل ما أريتني وتسخط عليه كما سخطت علي، فيموت الآخر فيجمع بين أرواحهما فيقال: ليثن كل واحد منكما على صاحبه، فيقول كل منهما لصاحبه: بئس الأخ وبئس الصاحب وبئس الخليل. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس قال: الأكواب