وقد أخرج أحمد والبخاري والترمذي وغيرهم عن أنس قال " جاء زيد بن حارثة يشكو زينب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: اتق الله وأمسك عليك زوجك، فنزلت (وتخفي في نفسك ما الله مبديه) " قال أنس: فلو كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كاتما شيئا لكتم هذه الآية، فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فما أولم على امرأة من نسائه ما أولم عليها، ذبح شاة (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها) فكانت تفخر على أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم تقول: زوجكن أهاليكن وزوجني الله من فوق سبع سماوات. وأخرج أحمد ومسلم والنسائي وغيرهم عن أنس قال: لما انقضت عدة زينب، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لزيد: " اذهب فاذكرها علي، فانطلق، قال: فلما رأيتها عظمت في صدري، فقلت: يا زينب أبشري أرسلني رسول الله يذكرك، قالت: ما أنا بصانعة شيئا حتى أؤامر ربي، فقامت إلى مسجدها ونزل القرآن، وجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ودخل عليها بغير إذن، ولقد رأيتنا حين دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أطعمنا عليها الخبز واللحم، فخرج الناس وبقي رجال يتحدثون في البيت بعد الطعام، فخرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم واتبعته، فجعل يتتبع حجر نسائه يسلم عليهن ويقولون: يا رسول الله كيف وجدت أهلك؟ فما أدري أنا أخبرته أن القوم قد خرجوا أو أخبر، فانطلق حتى دخل البيت، فذهبت أدخل معه، فألقي الستر بيني وبينه ونزل الحجاب ووعظ القوم بما وعظوا به (لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم) الآية ". وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد والترمذي وصححه وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه عن عائشة قالت: لو كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كاتما شيئا من الوحي لكتم هذه الآية (وإذ تقول للذي أنعم الله عليه) يعني بالإسلام (وأنعمت عليه) يعني بالعتق (أمسك عليك زوجك) إلى قوله (وكان أمر الله مفعولا) وإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما تزوجها قالوا تزوج حليلة ابنه، فأنزل الله (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين) وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تبناه وهو صغير، فلبث حتى صار رجلا يقال له زيد بن محمد، فأنزل الله - ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله - يعني أعدل عند الله. وأخرج ابن سعد عن محمد بن كعب القرظي في قوله (سنة الله في الذين خلوا من قبل) قال: يعني يتزوج من النساء ما شاء هذا فريضة، وكان من قبل من الأنبياء هذا سنتهم، قد كان لسليمان بن داود ألف امرأة، وكان لداود مائة امرأة. وأخرج ابن المنذر والطبراني عن ابن جريج في قوله - سنة الله في الذين خلوا من قبلي - قال داود: والمرأة التي نكح وزوجها واسمها اليسية، فذلك سنة في محمد وزينب (وكان أمر الله قدرا مقدورا) كذلك من سنته في داود والمرأة والنبي وزينب. وأخرج ابن جرير عن ابن عباس في قوله (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم) قال: نزلت في زيد بن حارثة. وأخرج أحمد ومسلم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " مثلي ومثل النبيين كمثل رجل بنى دارا، فانتهى إلا لبنة واحدة، فجئت أنا فأتممت تلك اللبنة ". وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " مثلي ومثل الأنبياء كمثل رجل ابتنى دارا فأكملها وأحسنها إلا موضع لبنة، فكان من دخلها فنظر إليها قال ما أحسنها إلا موضع اللبنة، فأنا موضع اللبنة حتى ختم بي الأنبياء ". وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما من حديث أبي هريرة نحوه. وأخرج أحمد والترمذي وصححه من حديث أبي بن كعب نحوه أيضا.
(٢٨٦)