أي لطيفا بأوليائه خبيرا بجميع خلقه وجميع ما يصدر منهم من خير وشر وطاعة ومعصية، فهو يجازي المحسن بإحسانه والمسئ بإساءته.
وقد أخرج أحمد ومسلم والنسائي وابن مردويه من طريق أبي الزبير عن جابر قال " أقبل أبو بكر يستأذن على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والناس ببابه جلوس والنبي صلى الله عليه وآله وسلم جالس فلم يؤذن له، ثم أقبل عمر فاستأذن فلم يؤذن له، ثم أذن لأبي بكر وعمر فدخلا والنبي صلى الله عليه وآله وسلم جالس وحوله نساؤه وهو ساكت، فقال عمرت: لأكلمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعله يضحك، فقال عمر: يا رسول الله لو رأيت ابنة زيد امرأة عمر سألت النفقة آنفا فوجأت في عنقها، فضحك النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى بدت نواجذه وقال: هن حولي يسألنني النفقة، فقام أبو بكر إلى عائشة ليضربها، وقام عمر إلى حفصة، كلاهما يقولان: تسألان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما ليس عنده، فنهاهما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقلن نساؤه: والله لا نسأل رسول الله بعد هذا المجلس ما ليس عنده، وأنزل الله الخيار، فنادى بعائشة فقال: إني ذاكر لك أمرا ما أحب أن تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك، قالت: ما هو؟ فتلا عليها (يا أيها النبي قل لأزواجك) الآية، قالت عائشة: أفيك أستأمر أبوي، بل أختار الله رسوله، وأسألك أن لا تذكر لنسائك ما اخترت فقال:
إن الله لن يبعثني متعنتا ولكن بعثني مبشرا، لا تسألني امرأة منهن عما اخترت إلا أخبرتها ". وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن عائشة " أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جاءها حين أمره الله أن يخير أزواجه قالت:
فبدأ بي فقال: إني ذاكر لك أمر فلا عليك أن لا تستعجلي حتى تستأمري أبويك، وقد علم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه، فقال: إن الله قال (يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا) إلى تمام الآية، فقلت له: ففي أي هذا أستأمر أبوي، فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة، وفعل أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثل ما فعلت ". وأخرج ابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس في قوله (ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا) قال يقول: من يطع الله منكن وتعمل منكن لله ورسوله بطاعته. وأخرج ابن المنذر عنه في قوله (فلا تخضعن بالقول) قال: يقول لا ترخصن بالقول ولا تخضعن بالكلام. وأخرج ابن المنذر عنه أيضا في قوله (فلا تخضعن بالقول) قال: مقارنة الرجال في القول حتى يطمع الذي في قلبه مرض. وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن محمد بن سيرين قال: نبئت أنه قيل لسودة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم: مالك لا تحجين ولا تعتمرين كما يفعل أخواتك؟ فقالت: قد حججت واعتمرت وأمرني الله أن أقر في بيتي، فوالله لا أخرج من بيتي حتى أموت، قال: فوالله ما خرجت من باب حجرتها حتى أخرجت بجنازتها. وأخرج ابن أبي شيبة وابن سعد وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن المنذر عن مسروق قال: كانت عائشة إذا قرأت (وقرن في بيوتكن) بكت حتى تبل خمارها. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والحاكم وابن مردويه والبيهقي في الشعب قال: كانت الجاهلية الأولى فيما بين نوح وإدريس وكانت ألف سنة. وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس أن عمر بن الخطاب سأله فقال: أرأيت قول الله لأزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم (ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى) هل كانت جاهلية غير واحدة، فقال ابن عباس ما سمعت بأولى إلا ولها آخرة، فقال له عمر: فأتني من كتاب الله ما يصدق ذلك، فقال: إن الله يقول - وجاهدوا في الله حق جهاده هو اجتباكم أول مرة - فقال عمر: من أمرنا أن نجاهد؟ قال: مخزوم وعبد شمس. وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أيضا في الآية قال: تكون جاهلية أخرى. وأخرج ابن أبي حاتم عن عائشة أنها تلت هذه الآية