فصيح: أي خلص من الرغوة، ومنه فصح الرجل: جادت لغته، وأفصح: تكلم بالعربية. وقيل الفصيح الذي ينطق، والأعجم الذي لا ينطق. وأما في اصطلاح أهل البيان فالفصاحة: خلوص الكلمة عن تنافر الحروف والغرابة ومخالفة القياس، وفصاحة الكلام: خلوصه من ضعف التأليف والتعقيد، وانتصاب (ردءا) على الحال، والردء المعين، من أردأته: أي أعنته، يقال فلان ردء فلان: إذا كان ينصره ويشد ظهره، ومنه قول الشاعر:
ألم تر أن أصرم كان ردئي * وخير الناس في قل ومال وحذفت الهمزة تخفيفا في قراءة نافع وأبي جعفر، ويجوز أن يكون ترك الهمز من قولهم أردى على المائة:
إذا زاد عليها، فكان المعنى أرسله معي زيادة في تصديقي، ومنه قول الشاعر:
وأسمر خطيا كأن كعوبه * نوى القسب قد أردى ذراعا على العشر وروي البيت في الصحاح بلفظ قد أربى، والقسب الصلب، وهو الثمر اليابس الذي يتفتت في الفم، وهو صلب النواة (يصدقني) قرأ عاصم وحمزة يصدقني بالرفع على الاستئناف، أو الصفة لردءا، أو الحال من مفعول أرسله، وقرأ الباقون بالجزم على جواب الأمر، وقرأ أبي وزيد بن علي (يصدقون) أي فرعون وملؤه (إني أخاف أن يكذبون) إذا لم يكن معي هارون لعدم انطلاق لساني بالمحاجة (قال سنشد عضدك بأخيك) أي نقويك به، فشد العضد كناية عن التقوية، ويقال في دعاء الخير: شد الله عضدك، وفي ضده: فت الله في عضدك. قرأ الجمهور (عضدك) بفتح العين. وقرأ الحسين وزيد بن علي بضمها. وروي عن الحسن أيضا أنه قرأ بضمة وسكون.
وقرأ عيسى بن عمر بفتحهما (ونجعل لكم سلطانا) أي حجة وبرهانا. أو تسلطا عليه، وعلى قومه (فلا يصلون إليكما) بالأذى ولا يقدرون على غلبتكما بالحجة، و (بآياتنا) متعلق بمحذوف: أي تمتنعان منهم بآياتنا، أو اذهبا بآياتنا. وقيل الباء للقسم، وجوابه يصلون، وما أضعف هذا القول. وقال الأخفش وابن جرير: في الكلام تقديم وتأخير. والتقدير (أنتما ومن أتبعكما الغالبون) بآياتنا، وأول هذه الوجوه أولاها. وفي أنتما ومن أتبعكما الغالبون تبشير لهما وتقوية لقلوبهما (فلما جاءهم موسى بآياتنا بينات) البينات الواضحات الدلالة، وقد تقدم وجه إطلاق الآيات، وهي جمع على العصا واليد في سورة طه (قالوا ما هذا إلا سحر مفترى) أي مختلق مكذوب اختلقته من قبل نفسك (وما سمعنا بهذا) الذي جئت به من دعوى النبوة، أو ما سمعنا بهذا السحر (في آبائنا الأولين) أي كائنا أو واقعا في آبائنا الأولين (وقال موسى ربي أعلم بمن جاء بالهدى من عنده) يريد نفسه، وإنما جاء بهذه العبارة لئلا يصرح لهم بما يريده قبل أن يوضح لهم الحجة، والله أعلم. قرأ الجمهور (وقال موسى) بالواو، وقرأ مجاهد وابن كثير وابن محيصن (قال موسى) بلا واو، وكذلك هو في مصاحف أهل مكة. وقرأ الكوفيون إلا عاصما (ومن يكون عاقبة الدار) بالتحتية على أن اسم يكون عاقبة الدار. والتذكير لوقوع الفصل، ولأنه تأنيث مجازي، وقرأ الباقون (تكون) بالفوقية، وهي أوضح من القراءة الأولى، والمراد بالدار هنا الدنيا وعاقبتها هي الدار الآخرة. والمعنى: لمن تكون له العاقبة المحمودة، والضمير في (إنه لا يفلح الظالمون) للشأن:
أي إن الشأن أنه لا يفلح الظالمون: أي لا يفوزون بمطلب خير، ويجوز أن يكون المراد بعاقبة الدار خاتمة الخير، وقال فرعون (يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري) تمسك اللعين بمجرد الدعوى الباطلة مغالطة لقومه منه، وقد كان يعلم أنه ربه الله عز وجل، ثم رجع إلى تكبره وتجبره وإيهام قومه بكمال اقتداره فقال (فأوقد لي يا هامان على الطين) أي أطبخ لي الطين حتى يصير آجرا (فاجعل لي صرحا) أي اجعل لي من هذا الطين الذي توقد عليه حتى يصير آجرا صرحا: أي قصرا عاليا (لعلي أطلع إلى إله موسى) أي أصعد إليه (وإني لأظنه من الكاذبين)