مختصرا ولفظه نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عندي قال ابن المنذر وبيع ما ليس عندك يحتمل معنيين أحدهما أن يقول أبيعك عبدا أو دارا معينة وهى غائبة فيشبه بيع الغرر لاحتمال ان تتلف أو لا يرضاها ثانيها أن يقول هذه الدار بكذا على أن أشتريها لك من صاحبها أو على أن يسلمها لك صاحبها اه وقصة حكيم موافقة للاحتمال الثاني (قوله حدثنا سفيان) هو ابن عيينة وقوله الذي حفظناه من عمرو كأن سفيان يشير إلى أن في رواية غير عمرو بن دينار عن طاوس زيادة على ما حدثهم به عمرو بن دينار عنه كسؤال طاوس من ابن عباس عن سبب النهى وجوابه وغير ذلك (قوله عن ابن عباس أما الذي نهى عنه الخ) أي وأما الذي لم أحفظ نهيه فما سوى ذلك (قوله فهو الطعام أن يباع حتى يقبض) في رواية مسعر عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس عن ابن عباس من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يقبضه قال مسعر وأظنه قال أو علفا وهو بفتح المهملة واللام والفاء (قوله قال ابن عباس لا أحسب كل شئ الا مثله) ولمسلم من طريق معمر عن ابن طاوس عن أبيه وأحسب كل شئ بمنزلة الطعام وهذا من تفقه ابن عباس ومال ابن المنذر إلى اختصاص ذلك بالطعام واحتج باتفاقهم على أن من اشترى عبد فاعتقه قبل قبضه ان عتقه جائز قال فالبيع كذلك وتعقب بالفارق وهو تشوف الشارع إلى العتق وقول طاوس في الباب قبله قلت لابن عباس كيف ذاك قال ذاك دراهم بدراهم والطعام مرجا معناه انه استفهم عن سبب هذا النهى فاجابه ابن عباس بأنه إذا باعه المشترى قبل القبض وتأخر المبيع في يد البائع فكأنه باعه دراهم بدراهم ويبين ذلك ما وقع في رواية سفيان عن ابن طاوس عند مسلم قال طاوس قلت لابن عباس لم قال ألا تراهم يتبايعون بالذهب والطعام مرجا أي فإذا اشترى طعاما بمائة دينار مثلا ودفعها للبائع ولم يقبض منه الطعام ثم باع الطعام لآخر بمائة وعشرين دينارا وقبضها والطعام في يد البائع فكأنه باعه مائة دينار بمائة وعشرين دينارا وعلى هذا التفسير لا يختص النهى بالطعام ولذلك قال ابن عباس لا أحسب كل شئ الا مثله ويؤيده حديث زيد بن ثابت نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم أخرجه أبو داود وصححه ابن حبان قال القرطبي هذه الأحاديث حجة على عثمان الليثي حيث أجاز بيع كل شئ قبل قبضه وقد أخذ بظاهرها مالك فحمل الطعام على عمومه وألحق بالشراء جميع المعاوضات وألحق الشافعي وابن حبيب وسحنون بالطعام كل ما فيه حق توفية وزاد أبو حنيفة والشافعي فعدياه إلى كل مشترى الا أن أبا حنيفة استثنى العقار ومالا ينقل واحتج الشافعي بحديث عبد الله بن عمر وقال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ربح ما لم يضمن أخرجه الترمذي (قلت) وفى معناه حديث حكيم بن حزام المذكور في صدر الترجمة وفى صفة القبض عن الشافعي تفصيل فما يتناول باليد كالدراهم والدنانير والثوب فقبضه بالتناول ومالا ينقل كالعقار والثمر على الشجر فقبضه بالتخلية وما ينقل في العادة كالأخشاب والحبوب والحيوان فقبضه بالنقل إلى مكان لا اختصاص للبائع به وفيه قول أنه يكتفى فيه التخلية (قوله عقب حديث ابن عمر زاد إسماعيل فلا يبعه حتى يقبضه) يعنى أن إسماعيل بن أبي أويس روى الحديث المذكور عن مالك بسنده بلفظ حتى يقبضه بدل قوله حتى يستوفيه وقد وصله البيهقي من طريق إسماعيل كذلك وقال الإسماعيلي وافق إسماعيل
(٢٩٢)