ولو لم تكله لرجوت أن يبقى أكثر وقال المحب الطبري لما أمرت عائشة بكيل الطعام ناظرة إلى مقتضى العادة غافلة عن طلب البركة في تلك الحالة ردت إلى مقتضى العادة اه والذي يظهر لي أن حديث المقدام محمول على الطعام الذي يشترى فالبركة تحصل فيه بالكيل لامتثال أمر الشارع وإذا لم يمتثل الامر فيه بالإكتيال نزعت منه لشؤم العصيان وحديث عائشة محمول على انها كالته للاختبار فلذلك دخله النقص وهو شبيه بقول أبى رافع لما قال له النبي صلى الله عليه وسلم في الثالثة ناولني الذراع قال وهل للشاة الا ذراعان فقال لو لم تقل هذا لناولتني ما دمت أطلب منك فخرج من شؤم المعارضة انتزاع البركة ويشهد لما قلته حديث لا تحصى فيحصى الله عليك الآتي والحاصل أن الكيل بمجرده لا تحصل به البركة ما لم ينضم إليه أمر آخر وهو امتثال الامر فيما يشرع فيه الكيل ولا تنزع البركة من المكيل بمجرد الكيل ما لم ينضم إليه أمر آخر كالمعارضة والاختبار والله أعلم ويحتمل أن يكون معنى قوله كيلوا طعامكم أي إذا ادخرتموه طالبين من الله البركة واثقين بالإجابة فكان من كاله بعد ذلك انما يكيله ليتعرف مقداره فيكون ذلك شكا في الإجابة فيعاقب بسرعة نفاده قاله المحب الطبري ويحتمل أن تكون البركة التي تحصل بالكيل بسبب السلامة من سوء الظن بالخادم لأنه إذا أخرج بغير حساب قد يفرغ ما يخرجه وهو لا يشعر فيتهم من يتولى أمره بالأخذ منه وقد يكون بريأ وإذا كاله أمن من ذلك والله أعلم وقد قيل إن في مسند البزار أن المراد بكيل الطعام تصغير الارعفة ولم أتحقق ذلك ولا خلافه * (قوله باب بركة صاع النبي صلى الله عليه وسلم ومده) في رواية النسفي ومدهم بصيغة الجمع وكذا لأبي ذر عن غير الكشميهني وبه جزم الإسماعيلي وأبو نعيم والضمير يعود للمحذوف في صاع النبي أي صاع أهل مدينة النبي صلى الله عليه وسلم ومدهم ويحتمل ان يكون الجمع لإرادة التعظيم وشرح ابن بطال على الأول (قوله فيه عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم) يشير إلى ما أخرجه موصولا من حديثها في آخر الحج عنها قالت وعك أبو بكر وبلال الحديث وفيه اللهم بارك لنا في صاعنا ومدنا (قوله حدثنا موسى) هو ابن إسماعيل وقد تقدم الكلام على ما تضمنه حديث عبد الله بن زيد وهو ابن عاصم المذكور هنا في أواخر الحج وكذا حديث أنس وسيعاد في كتاب الاعتصام * (تنبيه) * ايراد المصنف هذه الترجمة عقب التي قبلها يشعر بان البركة المذكورة في حديث المقدام مقيدة بما إذا وقع الكيل بمد النبي صلى الله عليه وسلم وصاعه ويحتمل أن يتعدى ذلك إلى ما كان موافقا لهما لا إلى ما يخالفهما والله أعلم * (قوله باب ما يذكر في بيع الطعام والحكرة) أي بضم المهملة وسكون الكاف حبس السلع عن البيع هذا مقتضى اللغة وليس في أحاديث الباب للحكرة ذكر كما قال الإسماعيلي وكأن المصنف استنبط ذلك من الامر بنقل الطعام إلى الرحال ومنع بيع الطعام قبل استيفائه فلو كان الاحتكار حراما لم يأمر بما يئول إليه وكأنه لم يثبت عنده حديث معمر بن عبد الله مرفوعا لا يحتكر الا خاطئ أخرجه مسلم لكن مجرد ايواء الطعام إلى الرحال لا يستلزم الاحتكار الشرعي لان الاحتكار الشرعي امساك الطعام عن البيع وانتظار الغلاء مع الاستغناء عنه وحاجة الناس إليه وبهذا فسره مالك عن أبي الزناد عن سعيد بن المسيب وقال مالك فيمن رفع طعاما من ضيعته إلى بيته ليست هذه بحكرة وعن أحمد انما يحرم احتكار الطعام المقتات دون غيره من
(٢٩٠)