نوح وموسى شكرا وقد تقدمت الإشارة لذلك قريبا وكأن ذكر موسى دون غيره هنا لمشاركته لنوح في النجاة وغرق أعدائهما * الحديث الخامس حديث أبي موسى وهو الأشعري قال كان يوم عاشوراء تعده اليهود عيدا فقال النبي صلى الله عليه وسلم فصوموه أنتم وفى رواية مسلم كان يوم عاشوراء تعظمه اليهود تتخذه عيدا فظاهره ان الباعث على الامر بصومه محبة مخالفة اليهود حتى يصام ما يفطرون فيه لان يوم العيد لا يصام وحديث ابن عباس يدل على أن الباعث على صيامه موافقتهم على السبب وهو شكر الله تعالى على نجاة موسى لكن لا يلزم من تعظيمهم له واعتقادهم بأنه عيد أنهم كانوا لا يصومونه فلعلهم كان من جملة تعظيمهم في شرعهم أن يصوموه وقد ورد ذلك صريحا في حديث أبي موسى هذا فيما أخرجه المصنف في الهجرة بلفظ وإذا أناس من اليهود يعظمون عاشوراء ويصومونه ولمسلم من وجه آخر عن قيس بن مسلم باسناده قال كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء يتخذونه عيدا ويلبسون نساءهم فيه حليهم وشارتهم وهو بالشين المعجمة أي هيئتهم الحسنة وقوله هذا يوم الإشارة إلى نوع اليوم لا إلى شخصه ومثله قوله تعالى ولا تقربا هذه الشجرة فيما ذكره الفخر الرازي في تفسيره * الحديث السادس حديث ابن عباس أيضا من طريق ابن عيينة عن عبيد الله بن أبي يزيد وقد رواه أحمد عن ابن عيينة قال أخبرني عبيد الله بن أبي يزيد منذ سبعين سنة (قوله ما رأيت الخ) هذا يقتضى أن يوم عاشوراء أفضل الأيام للصائم بعد رمضان لكن ابن عباس أسند ذلك إلى علمه فليس فيه ما يرد علم غيره وقد روى مسلم من حديث أبي قتادة مرفوعا ان صوم عاشوراء يكفر سنة وان صيام يوم عرفة يكفر سنتين وظاهره ان صيام يوم عرفة أفضل من صيام يوم عاشوراء وقد قيل في الحكمة في ذلك ان يوم عاشوراء منسوب إلى موسى عليه السلام ويوم عرفة منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلذلك كان أفضل (قوله يتحرى) أي يقصد (قوله وهذا الشهر يعنى شهر رمضان) كذا ثبت في جميع الروايات وكذا هو عند مسلم وغيره وكأن ابن عباس اقتصر على قوله وهذا الشهر وأشار بذلك إلى شئ مذكور كأنه تقدم ذكر رمضان وذكر عاشوراء أو كانت المقالة في أحد الزمانين وذكر الآخر فلهذا قال الراوي عنه يعنى رمضان أو أخذه الراوي من جهة الحصر في أن لا شهر يصام الا رمضان لما تقدم له عن ابن عباس أنه كان يقول لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم صام شهرا كاملا الا رمضان وانما جمع ابن عباس بين عاشوراء ورمضان وإن كان أحدهما واجبا والآخر مندوبا لاشتراكهما في حصول الثواب لان معنى يتحرى أي يقصد صومه لتحصيل ثوابه والرغبة فيه * الحديث السابع حديث سلمة بن الأكوع في الامر بصوم عاشوراء وقد تقدم في أثناء الصيام في باب إذا نوى بالنهار صوما وأخرجه عاليا أيضا ثلاثيا وقد تقدم الكلام عليه هناك واستدل به على اجزاء الصوم بغير نية لمن طرأ عليه العلم بوجوب صوم ذلك اليوم كمن ثبت عنده في أثناء النهار أنه من رمضان فإنه يتم صومه ويجزئه وقد تقدم البحث في ذلك والرد على من ذهب إليه وأن عند أبي داود وغيره أمر من كان أكل بقضاء ذلك اليوم مع الامر بامساكه والله أعلم * (خاتمة) * اشتمل كتاب الصيام من أوله إلى هنا على مائة وسبعة وخمسين حديثا المعلق منها ستة وثلاثون حديثا والبقية موصولة والمكرر منها فيه وفيما مضى ثمانية وستون حديثا والخالص تسعة وثمانون حديثا وافقه مسلم على تخريجها سوى حديث أبي هريرة من لم يدع قول الزور وحديث عمار في صوم يوم الشك
(٢١٦)