إسحاق بن راهويه وأحمد بن حنبل وكأن البخاري أختار مقالة أحمد فجزم بها أو تواردا عليها قال الترمذي قال أحمد معناه لا ينقصان معا في سنة واحدة انتهى ثم وجدت في نسخة الصغاني ما نصه عقب الحديث قال أبو عبد الله قال اسحق تسعة وعشرون يوما تام وقال أحمد بن حنبل ان نقص رمضان تم ذو الحجة وان نقص ذو الحجة تم رمضان وقال اسحق معناه وإن كان تسعا وعشرين فهو تمام غير نقصان قال وعلى مذهب اسحق يجوز أن ينقصا معا في سنة واحدة وروى الحاكم في تاريخه باسناد صحيح ان إسحاق بن إبراهيم سئل عن ذلك فقال إنكم ترون العدد ثلاثين فإذا كان تسعا وعشرين ترونه نقصانا وليس ذلك بنقصان ووافق أحمد على اختياره أبو بكر أحمد ابن عمرو البزار فأوهم مغلطاي انه مراد الترمذي بقوله وقال أحمد وليس كذلك وانما ذكره قاسم في الدلائل عن البزار فقال سمعت البزار يقول معناه لا ينقصان جميعا في سنة واحدة قال ويدل عليه رواية زيد بن عقبة عن سمرة بن جندب مرفوعا شهرا عيد لا يكونان ثمانية وخمسين يوما وادعى مغلطاي أيضا ان المراد بإسحاق إسحاق بن سويد العدوي راوي الحديث ولم يأت على ذلك بحجة وذكر ابن حبان لهذا الحديث معنيين أحدهما ما قاله اسحق والآخر ان المراد انهما في الفضل سواء لقوله في الحديث الآخر ما من أيام العمل فيها أفضل من عشر ذي الحجة وذكر القرطبي ان فيه خمسة أقوال فذكر نحو ما تقدم وزاد أن معناه لا ينقصان في عام بعينه وهو العام الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم تلك المقالة وهذا حكاه ابن بزيزة ومن قبله أبو الوليد بن رشد ونقله المحب الطبري عن أبي بكر بن فورك وقيل المعنى لا ينقصان في الاحكام وبهذا جزم البيهقي وقبله الطحاوي فقال معنى لا ينقصان أن الاحكام فيهما وان كانا تسعة وعشرين متكاملة غير ناقصة عن حكمهما إذا كانا ثلاثين وقيل معناه لا ينقصان في نفس الامر لكن ربما حال دون رؤية الهلال مانع وهذا أشار إليه ابن حبان أيضا ولا يخفى بعده وقيل معناه لا ينقصان معافى سنة واحدة على طريق الأكثر الأغلب وان ندر وقوع ذلك وهذا أعدل مما تقدم لأنه ربما وجد وقوعهما ووقوع كل منهما تسعة وعشرين قال الطحاوي الاخذ بظاهره أو حمله على نقص أحدهما يدفعه العيان لأنا قد وجدناهما ينقصان معا في أعوام وقال الزين بن المنير لا يخلو شئ من هذه الأقوال عن الاعتراض وأقربها ان المراد ان النقص الحسى باعتبار العدد ينجبر بأن كلا منهما شهر عيد عظيم فلا ينبغي وصفهما بالنقصان بخلاف غيرهما من الشهور وحاصله يرجع إلى تأييد قول اسحق وقال البيهقي في المعرفة انما خصهما بالذكر لتعلق حكم الصوم والحج بهما وبه جزم النووي وقال إنه الصواب المعتمد والمعنى ان كل ما ورد عنهما من الفضائل والاحكام حاصل سواء كان رمضان ثلاثين أو تسعا وعشرين سواء صادف الوقوف اليوم التاسع أو غيره ولا يخفى ان محل ذلك ما إذا لم يحصل تقصير في ابتغاء الهلال وفائدة الحديث رفع ما يقع في القلوب من شك لمن صام تسعا وعشرين أو وقف في غير يوم عرفة وقد استشكل بعض العلماء امكان الوقوف في الثامن اجتهادا وليس مشكلا لأنه ربما ثبتت الرؤية بشاهدين ان أول ذي الحجة الخميس مثلا فوقفوا يوم الجمعة ثم تبين انهما شهدا زورا وقال الطيبى ظاهر سياق الحديث بيان اختصاص الشهرين بمزية ليست في غيرهما من الشهور وليس المراد ان ثواب الطاعة في غيرهما ينقص وانما المراد رفع الحرج عما عسى ان يقع فيه خطأ في الحكم لاختصاصهما بالعيد وجواز احتمال
(١٠٧)