أعظم ملك خفقت عليه الأعلام والبنود (1)، وأفخم سلطان حفت به الكتائب والجنود، وأعدل إمام اتسق به نظام الوجود، وأكرم همام تفجرت من أنامله ينابيع الجود، وأسطى باسل تتقى بأسه الأسود، وأعطى باذل تنير بكرمه الليالي السود.
ملك إذا ضاق الزمان بأهله * بخلا توسع في المكارم وانفسح تكبو السحائب إذ تجاري كفه * فالغيث في وجناتها عرق رشح تستحقر الأسياف عاتق غيره * وتقول دونك والقلائد والسبح ويكلف الأسد الهصور بعدله * في القفر أن يرعى الغزال إذا سنح كم من خطيب ذاكر غير اسمه * لما تنحنح قال منبره تنح الباسمة ثغور الثغور عن شنب (2) نصره، والناسمة قبول القبول للداعين بامتداد عصره، مقيم قسطاس العدل في العباد والبلاد، ومنيم الأجفان في ليل الأمن بكسرها يوم الجلاد، أما حي سطور الحيف بلسان السيف. ومعيد ليالي الخوف كليالي الخيف، فما للفتنة في عهده أثر سوى ما في سود المحاجر، ولا للظلم خبر سوى ما تفعله بالأسود (3) غزلان حاجر، من تشرفت به ظهور المنابر والأسرة، وأظهر الله به في الوجود حكمة اصطفائه له وسره، وأصبح الإسلام به منشرح الصدر، ويومه به يوم بذر، وليلته ليلة القدر (4) وعاد روض الندى والبأس مخضلا بعد إهتيافه، مخضرا بهواطل سماحه، وجداول أسيافه، وراح جبين الشرف (5) مكللا بتاج ذكره، وجيد الكرم مقلدا بطوق حمده وشكره. وقامت سوق المفاخر به على ساقها، وثابت نفس المكارم بعد سياقها، واستأنف الملك به عمرا جديدا، وتفيأ من روح