والثاني: استعمالها لمعنى القليل حقيقة، فتدل على وجود الشئ نزرا لا على نفيه. وهذا هو الأصل فيها.
إذا عرفت ذلك، فالظاهر إن المراد هنا: المعنى الثاني لا الأول إذ كان مفاد إخباره (عليه السلام) بهذا السر لرسول الله (صلى الله عليه وآله) اطلاعه هو عليه، دون غيره وإلا فلكل أحد سر قلما عثر عليه. ولولا اطلاعه عليه لما علم ولا أخبر بأن له (صلى الله عليه وآله) سرا بهذه المثابة.
وفائدة الإخبار بذلك تحدثه بما أنعم الله تعالى عليه به من اختصاصه برسوله (صلى الله عليه وآله) واطلاعه على سره دون غيره. مضافا إلى سائر خصائصه الشريفة التي كانت له من رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وتنكير المسند إليه من قوله: «سر» إما للنوعية أي نوع من السر غير ما يتعارفه الناس، أو للتعظيم أي سر عظيم بلغ في عظم شأنه أنه لا يمكن أن يعثر عليه كل أحد، والله أعلم بمقاصد أوليائه.
رجع: وحدثنا والدي قدس سره بالسند المذكور متصلا إلى زيد الشهيد (1) أنه قال: سمعت أخي الباقر (عليه السلام) يقول: سمعت أبي زين العابدين يقول:
سمعت أبي الحسين يقول: سمعت أبي علي بن أبي طالب (عليه السلام) يقول: سمعت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقول: نحن بنو عبد المطلب ما عادانا بيت إلا وقد خرب، ولا عاوانا كلب إلا وقد جرب، ومن لم يصدق فليجرب (2).
توضيح قوله (صلى الله عليه وآله): «بيت» أي أهل بيت كقوله تعالى: فليدع 96: 17