يبق شئ، ثم انصرف ولم يحمل إلى بيته قليلا ولا كثيرا، فرجعت إلى أبي فقلت: لقد رأيت اليوم خير الناس أو أحمق الناس؟ قال: من هو؟ قلت: علي بن أبي طالب (عليه السلام) رأيته يصنع كذا، فقصصت عليه فبكى وقال: يا بني بل رأيت خير الناس (1).
وقال ابن أبي الحديد: (2) «كان (عليه السلام) شديد السياسة خشنا في ذات الله لم يراقب ابن عمه (3)، في عمل كان ولاه إياه، ولا راقب أخاه عقيلا في كلام جبهه به، وأحرق قوما بالنار وقطع جماعة وصلب آخرين ولم يبلغ كل سائس في الدنيا في فتكه وبطشه وانتقامه مبلغ العشر مما فعل (عليه السلام) في حروبه بيده وأعوانه» (4)، انتهى.
ويحتمل أن يكون وجه التشبيه له بالممسوس ما كان يعتريه (عليه السلام) من الغشية والهزة لخشية الله عند اشتغال سره بملاحظة جلال الله ومراقبة عظمته كما تضمنه حديث أبي الدرداء، الذي حكى فيه شدة عبادته (عليه السلام) حتى قال: فأتيته فإذا هو كالخشبة الملقاة فحركته فلم يتحرك فأتيت منزله مبادرا أنعاه.
فقالت فاطمة عليها السلام: ما كان من شأنه فأخبرتها فقالت: هي والله الغشية التي تأخذه من خشية الله تعالى، الحديث (5).