رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) - السدي علي خان المدني الشيرازي - ج ١ - الصفحة ٣٨٩
فالهالك منا من هلك عليه، والسعيد منا من رغب إليه.
____________________
الهلاك: الموت، هلك يهلك من باب (ضرب) هلكا بالضم، ومهلكة مثلثة اللام، والاسم الهلاك، ويعبر به عن الخسران واستيجاب النار وهو المراد هنا لمقابلته بالسعيد لاستلزامه الشقاوة.
ومنه الحديث: إذا قيل هلك الناس، فهو أهلكهم (1).
قال ابن الأثير: يروى بفتح الكاف وضمها، فمن فتحها كانت فعلا ماضيا، ومعناه أن الغالين في الدين يؤيسون الناس من رحمة الله يقولون: هلك الناس: أي استوجبوا النار بسوء أعمالهم، فإذا قال الرجل ذلك فهو الذي أوجبه لهم لا الله تعالى، أو هو الذي لما قال لهم ذلك وآيسهم حملهم على ترك الطاعة والانهماك في المعاصي، فهو الذي أوقعهم في الهلاك.
وأما الضم فمعناه إنه إذا قال لهم ذلك فهو أهلكهم، أي: أكثرهم هلاكا، وهو الرجل يولع بعيب الناس ويذهب بنفسه عجبا ويرى له عليهم فضلا انتهى (2).
و «على» من قوله: هلك عليه.
قيل: بمعنى مع، أي: مع سعة رحمته.
وقيل: ضمن معنى استعلى واستعصى.
وقيل: معناه الخاسر من خسر عنده.
والصواب: إن معناه على كره منه، كما يقال: باع القاضي عليه داره، لأنه تعالى لا يرضى بهلاك أحد من عباده، ولذلك وسع لهم رحمته ولم يعاجلهم بالأخذ على ذنوبهم، بل تأناهم برحمته، وانتظر مراجعتهم برأفته، وفتح لهم باب التوبة، ووضع عنهم ما لا طاقة لهم، ولم يكلفهم إلا دون وسعهم، فمن هلك بعد ذلك كله

(١) النهاية لابن الأثير: ج ٥، ص ٣٦٩.
(٢) النهاية لابن الأثير: ج 5، ص 269. وفيه: الذين يؤيسون.
(٣٨٩)
مفاتيح البحث: الهلاك (1)، إبن الأثير (2)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 384 385 386 387 388 389 390 391 392 393 394 ... » »»
الفهرست