رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) - السدي علي خان المدني الشيرازي - ج ١ - الصفحة ١٤٧
فقال: يرحم الله يحيى، إن أبي حدثني عن أبيه عن جده عن علي:
____________________
قال لك يحيى ذلك، معبرا بهذه العبارة أم بغيرها، فكان الجواب: نعم قال ذلك، أي بهذه العبارة. قوله: «يرحم الله يحيى» تعريض بخطائه وجنايته في هذا القول، والأصل أخطأ، وبئس ما قال، لكنه عدل إلى الترحم عليه تخفيا به وتحننا عليه.
قال صاحب الكشف: إن الدعاء قد يستعمل للتعريض بالاستقصار كقوله عليه الصلاة والسلام: «يرحم الله أخي لوطا لقد كان يأوي إلى ركن شديد» (1).
وقال صاحب الكشاف: في قوله تعالى: عفى الله عنك لم أذنت لهم كناية عن الجناية لأن العفو رادف لها ومعناه: أخطأت وبئس ما فعلت (2)، وتعقبه بعضهم فقال: لقد أخطأ وأساء الأدب وبئس ما قال وكتب: هب إنه كناية أليس إيثارها على التصريح بالجناية للتلطف في الخطاب والتخفيف للعتاب؟ وهب إن العفو مستلزم للخطأ فهل هو مستلزم لكونه من القبح واستتباع اللائمة بحيث يصحح هذه المرتبة من المشافهة بالسوء أو يسوغ إنشاء الاستقباح بكلمة بئس ما المنبئة عن بلوغ القبح إلى رتبة يتعجب منها، انتهى (3).
وأجاب عنه بعضهم بأنه أراد أن الأصل ذلك، وأبدل بالعفو تعظيما لشأنه (صلى الله عليه وآله) وتنبيها على لطف مكانه ولذلك قدم العفو على ما يوجب الجناية وليس تفسيره.
هذا بناء على أن العدول إلى عفا الله لا للتعظيم حتى يخطأ، وأما المستعمل لمجرد التعظيم فهو إذا كان دعاء لا خبرا على أن الدعاء قد يستعمل للتعريض كقوله

(١) سنن ابن ماجة: ج ٢، ص 1335، ح 4026، وفي مسند أحمد بن حنبل: ج 2، ص 326.
(2) تفسير الكشاف: ج 2، ص 274.
(3) انتهى كلام البعض.
(١٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 142 143 144 145 146 147 148 149 150 154 155 ... » »»
الفهرست