رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) - السدي علي خان المدني الشيرازي - ج ١ - الصفحة ٤٧٥

____________________
والمأنس بفتح العين وكسرها: محل الانس بالضم وهو ضد الوحشة، أي المحل الذي كانت تأنس به نفسه.
والمراد بموطن رحله إلى آخره: مكة شرفها الله تعالى، وقد كان يعز عليه صلوات الله عليه فراقها والهجرة عنها روي: «إنه لما خرج منها مهاجرا التفت إليها فظن انه لا يعود إليها ولا يراها بعد ذلك فأدركته رقة وبكى، فأتاه جبرئيل - عليه السلام - وتلا عليه قوله تعالى: «إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد» (1).
وقيل: نزلت عليه حين بلغ الجحفة في مهاجرته، وقد اشتاق إلى مولده ومولد آبائه وحرم إبراهيم عليه السلام، فنزل جبرئيل عليه السلام فقال له: أتشتاق إلى مكة؟ قال: نعم، فأوحاها إليه (2).
وروي عبد الله بن الحمراء: «إنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وآله - وهو واقف على راحلته يقول مخاطبا مكة: «والله إنك لخير أرض الله، وأحبها إلى الله، ولولا إني أخرجت منك ما خرجت» (3).
تبصرة قيل: في هذه الفقرات إشارة إلى أن مكة - شرفها الله - أفضل من سائر البقاع، لأنه صلى الله عليه وآله أفضل الأنبياء، فينبغي أن يكون موطنه ومنشأه ومولده ومأنسه أفضل الأماكن. وقد اختلفت العلماء من العامة في التفضيل بين مكة والمدينة:

(١) مجمع البيان: ج ٧ - ٨ ص ٢٦٨ نقلا بالمعنى.
(٢) الدر المنثور: ج ٥، ص 139.
(3) معجم البلدان للحموي: ج 5، ص 183.
(٤٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 470 471 472 473 474 475 476 477 478 479 480 ... » »»
الفهرست