رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) - السدي علي خان المدني الشيرازي - ج ١ - الصفحة ١٠٩

____________________
سمعية من طرق الحواس، بل علومهم كشفية لدنية تفيض على قلوبهم أنوار العلم والعرفان عن الله سبحانه، لا بواسطة أمر مباين من سماع، أو كتابة محسوسة، أو رواية، أو شئ من هذا القبيل.
ومما يدل على ما بيناه وأوضحناه: قول أمير المؤمنين (عليه السلام) «علمني رسول الله (صلى الله عليه وآله) ألف باب من العلم فانفتح لي من كل باب ألف باب» (1).
وقول الرسول (صلى الله عليه وآله): «أعطيت جوامع الكلم» (2). «وأعطي علي جوامع العلم» (3) ومعنى تعليم الرسول له (عليه السلام) هو: إعداد نفسه الشريفة القابلة لأنوار الهداية على طول الصحبة ودوام الملازمة بتعليمه وإرشاده إلى كيفية السلوك إلى الله تعالى، بتطويع النفس الحيوانية وقواها لما أمرها به واستخدمها فيه الروح العقلي الإلهي، وإشارته (صلى الله عليه وآله) إلى أسباب التطويع والرياضة حتى استعد (عليه السلام) للانتقاش بالأمور الغيبية والإخبار عن المغيبات.
وليس التعليم البشري، سواء كان المعلم رسولا أو غيره هو إيجاد العلم، وإن كان أمرا يلزمه الايجاد والإفاضة من الله تعالى.
وفي قوله (صلى الله عليه وآله): «وأعطي علي جوامع العلم» (4) بصيغة البناء للمفعول دليل ظاهر على أن المعطي لعلي جوامع العلم ليس هو النبي (صلى الله

(١) تاريخ دمشق لابن عساكر ترجمة محمد بن باقر المحمودي، ج ٢، ص ٤٣٨، ومنتخب كنز العمال المطبوع بهامش مسند أحمد بن حنبل: ج ٥، ص ٤٣.
(٢) مسند أحمد بن حنبل: ج ٢، ص ٤١٢، وسنن الترمذي: ج ٤ ص ١٢٣، ح 1553.
(3) الأنوار النعمانية: ج 1، ص 32.
(4) الأنوار النعمانية: ج 1، ص 32.
(١٠٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 ... » »»
الفهرست