____________________
الفطرة قابلة لنور العلم وظلمة الجهل، لكنها بمزاولة الأعمال السيئة والأفعال الشهوية والغضبية صارت كالبهائم والسباع مظلمة الذوات، ورسخت فيها الجهالات والأخلاق الحيوانية والدواعي السبعية، فيحتاج معالجتها إلى جهد جهيد وعناء شديد حتى يزيل عنها ظلمة الجهل ويجعلها قابلة لنور العلم، فيفيض عليها الحقائق العلمية والمعارف اليقينية، هذا مع تفاوت مراتب الأذهان في قبول التعليم، وتباين الفطن والأفهام في الاستعداد للتفهيم، وفي ذلك من التعب والمشقة ما لا خفاء به، ألا ترى أن طبيب البدن يشق عليه علاج الأمراض الصعبة كحمى الدق والسل، والمرض المزمن ما لا يشق عليه غيرها، خصوصا إذا كثرت عليه المرضى واختلفت أمزجتهم في قبول الدواء، فإن الأنبياء عليهم السلام ومن يقوم مقامهم أطباء النفوس المبعوثون لعلاج أمراضها، كما أن الحكماء أطباء الأبدان المخصوصون بمداواتها لغاية بقائها على صلاحها أو رجوعها إلى العافية من أمراضها. «رئي المسيح عليه السلام خارجا من بيت فاجرة مجاهرة بالفجور فقيل، يا روح الله ما تصنع هاهنا؟ فقال: إنما يأتي الطبيب المرضى» (1).
الرابع: اشتغاله حال التبليغ والدعوة بالخلق عن الحق، والالتفات من المقام الأسنى إلى المقام الأدنى، فإنه - صلى الله عليه وآله - لما كان دائم التوجه إلى الملأ الأعلى، مستغرقا في الالتفات إليه، مرتبطا به أشد الارتباط، مقبلا عليه وكان مع ذلك منصوبا لتشريع الشريعة، وتأسيس الملة، وإرشاد الخلائق، وإفادة الحقائق، لم يكن له بد من النزول عن ذلك المقام العلوي إلى هذا العالم السفلي، فكان يجد عند ذلك من الجهد والتعب والمشقة والنصب ما لا مزيد عليه، ومن هنا قال صلى الله عليه وآله: «إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة» (2).
الرابع: اشتغاله حال التبليغ والدعوة بالخلق عن الحق، والالتفات من المقام الأسنى إلى المقام الأدنى، فإنه - صلى الله عليه وآله - لما كان دائم التوجه إلى الملأ الأعلى، مستغرقا في الالتفات إليه، مرتبطا به أشد الارتباط، مقبلا عليه وكان مع ذلك منصوبا لتشريع الشريعة، وتأسيس الملة، وإرشاد الخلائق، وإفادة الحقائق، لم يكن له بد من النزول عن ذلك المقام العلوي إلى هذا العالم السفلي، فكان يجد عند ذلك من الجهد والتعب والمشقة والنصب ما لا مزيد عليه، ومن هنا قال صلى الله عليه وآله: «إنه ليغان على قلبي وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة» (2).