____________________
كتب معاوية نسخة واحدة إلى عماله بعد عام الجماعة: أن برئت الذمة ممن روى شيئا من فضل أبي تراب وأهل بيته، فقامت الخطباء في كل كورة وعلى كل منبر يلعنون عليا ويبرؤون منه ويقعون فيه وفي أهل بيته، وكان أشد الناس بلاء حينئذ أهل الكوفة لكثرة من بها من الشيعة فاستعمل عليهم زياد بن سمية، وهو بهم عارف لأنه كان منهم أيام علي (عليه السلام) فقتلهم تحت كل حجر ومدر وأخافهم وقطع الأيدي والأرجل وسمل العيون وصلبهم على جذوع النخل وشردهم عن العراق فلم يبق بها معروف منهم، ثم كتب إلى عماله نسخة واحدة إلى جميع البلدان انظروا من قامت عليه البينة أنه يحب عليا وأهل بيته فامحوه من الديوان وأسقطوا عطاءه ورزقه وشفع ذلك بنسخة أخرى من اتهمتموه لموالاة هؤلاء القوم فنكلوا به أهدموا داره فلم يكن البلاء أشد ولا أكثر منه بالعراق ولا سيما بالكوفة حتى إن الرجل من الشيعة ليأتيه من يثق به فيدخل بيته فيلقي إليه سره ويخاف من خادمه ومملوكه ولا يحدثه حتى يأخذ عليه الأيمان الغليظة ليكتمن عليه فلم يزل الأمر كذلك حتى مات الحسن بن علي (عليهما السلام) فازداد البلاء والفتنة فلم يبق أحد من هذا القبيل إلا خائف على دمه أو طريد في الأرض، ثم تفاقم الأمر بعد قتل الحسين (عليه السلام)، وولى عبد الملك بن مروان فاشتد على الشيعة، وولى عليهم الحجاج بن يوسف ففعل الفواقر والدواهي وتقرب إليه أهل النسك والصلاح ببغض علي وأهل بيته (عليهما السلام) وموالاة أعدائهم، حتى إن إنسانا وقف له ويقال: إنه جد الأصمعي عبد الملك بن قريب فصاح به أيها الأمير: إن أهلي عقوني فسموني عليا، وإني فقير بائس وأنا إلى صلة الأمير محتاج فتضاحك له الحجاج وقال للطف ما توسلت به قد وليتك موضع كذا (1)، انتهى ملخصا.