رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) - السدي علي خان المدني الشيرازي - ج ١ - الصفحة ٤٦٧
ووالى فيك الأبعدين وعادى فيك الأقربين.
____________________
أحدهما: جحود تشبيه، إذ المشبهون الله سبحانه بخلقه وإن اختلفوا في كيفية التشبيه بأسرهم جاحدون له في الحقيقة، وذلك ان المعنى الذي يتصورونه ويثبتونه إليها ليس هو نفس الإله، مع أنهم ينفون ما سوى ذلك فكانوا نافين للإله الحق في المعنى وجاحدين له.
والثاني: جحود من لم يثبت صانعا، وكلا الفريقين جاحد له من وجه ومثبت له من وجه أما المشبهون فمثبتون له صريحا، جاحدون له لزوما، وأما الآخرون فبالعكس، إذ كانوا جاحدين له صريحا من الجهة التي يثبته العقلاء بها ومقرون به التزاما واضطرارا، فإن كل أحد إذا وقع في محنة، واضطر في ضيق، فزع من دون اختيار إلى ربه وتضرع إليه في النجاة والخلاص، وإليه الإشارة بقوله تعالى: وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه فلما نجيكم إلى البر أعرضتم وكان الإنسان كفورا (1) *.
الموالاة: ضد المعاداة والمراد بالأبعدين والأقربين: ما هو أعم من البعد في النسب والقرب فيه، فيدخل في الأبعدين: الأبعد نسبا أو سببا، أو ولاء أو دارا، وفي الأقربين الأقرب كذلك، وكذا الكلام في الأدنين والأقصين في الفقرتين الأوليين، ولا حاجه إلى تخصيص الأولين بالقرابة والآخرين بالمكان تفاديا عن التكرار، والتأسيس خير من التأكيد، فان الأفعال كافية في التأسيس، إذ اختصاص الإقصاء والتقريب بالمكان ظاهر، ولا داعي إلى التعميم فيهما حتى يكونا شاملين للموالاة والمعاداة فيلزم التكرار، وشمولها لهما لزوما لا ينافي التأسيس.
وقوله: «فيك» (في) في كلا الفقرتين للتعليل أي: لأجلك، وفيه إعلام بحبه وبغضه عليه السلام لله تعالى، وهما من أعظم الأعمال، بل هما أوثق عرى الإيمان

(1) سورة الإسراء: الآية 67.
(٤٦٧)
مفاتيح البحث: سورة الإسراء (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 462 463 464 465 466 467 468 469 470 471 472 ... » »»
الفهرست