رياض السالكين في شرح صحيفة سيد الساجدين (ع) - السدي علي خان المدني الشيرازي - ج ١ - الصفحة ٣٥
توضيح في الأساس: رجل ممسوس: مجنون (1).
وفي المجمل: الممسوس الذي به مس من جن (2)، انتهى.
وهو إما على التشبيه بحذف الأداة أو على الاستعارة كقوله تعالى: صم بكم عمي (3). ولأئمة البيان خلاف هل يسمى ذلك تشبيها أو استعارة؟ والمحققون على تسميته تشبيها بليغا لا استعارة. ولبعضهم في ذلك تفصيل ذكرناه في أنوار الربيع (4).
والحاصل: أنه (عليه السلام) شبهه صلوات الله عليه في تشدده وتصلبه في الأمور الإلهية، وعدم ملاحظته للوم لائم أو رعاية جانب بالمجنون الذي لا يبالي بما يقال فيه من لو م أو مذمة، ولذلك نسبه أعداؤه إلى الحمق وعدم المعرفة بتدبير الحروب، واستمالة قلوب الرجال حتى فارقه كثير من أصحابه، والتحقوا بمعاوية وهو (عليه السلام) لا يلتفت إلى شئ من ذلك في التصميم على إيثار الحق والعدل والعمل بهما ولو كره الكافرون.
حكى الشعبي (5) قال: دخلت الكوفة وأنا غلام في غلمان فإذا أنا بعلي (عليه السلام) قائما على صبرتين من ذهب وفضة فقسمهما بين الناس حتى لم

(١) أساس البلاغة: ص ٤٢٩.
(٢) المجمل في اللغة لابن فارس مخطوط: ج ٢، ص ١٢٨، في مادة " مس ".
(٣) سورة البقرة: الآية ١٨.
(٤) أنوار الربيع: ج ١، ص ٢٩٥.
(٥) هو أبو عمرو عامر بن شراحيل الكوفي الشعبي، ينسب إلى همدان، من التابعين، وكان فقهيا شاعرا، روى عن خمسين ومائة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله.
الكنى والألقاب: ج ٢، ص 327.
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست