إلى الإيجاب والقبول، ولا فرق بينه وبين عقد الهبة إلا أن الهبة تمليك مال أو حق لشخص في حال حياته، وعقد الوصية تمليك مال أو حق لشخص بعد الموت. هذا ما قاله أكثر الأساطين.
ولكن التحقيق: أن الوصية العهدية لا تحتاج إلى القبول: لأنه فيها تعهد إلى إيجاد فعل متعلق ببدنه كان يدفن في موضع كذا مثلا، أو بماله مثل أن يحج عنه بماله أو يقضى عنه صلواته وصومه الفائتة أو يوقف داره الفلانية أو ضيعته أو يبنى مسجدا بماله وأمثال ذلك من الأعمال الراجحة.
نعم لو عين شخصا لتنفيذ ما عهد إليه الذي يسمى بالوصي أو الموصى إليه يمكن أن يقال بالاحتياج إلى قبول ذلك الشخص إن اطلع على الوصية في حال حياة الموصى كي يلزم عليه العمل بما أوصى إليه، ولكن هذا لو قلنا به يكون من قبول الوصاية لا الوصية.
مضافا إلى أن الأظهر عدم لزوم قبول الوصي في حال حياة الموصى، بل يكفي في لزوم عمله وتنفيذه الوصية عدم رده في حال حياة الموصى وإن لم يقبل، فبالرد تبطل لا أن القبول شرط.
وأما الوصية التمليكية: فإن كانت تمليكا للنوع، كالوصية للأقارب أو العلماء والسادات والفقراء فهي أيضا لا يعتبر فيها القبول كالعهدية، والقول بلزوم قبول الحاكم عن قبلهم لا دليل عليه. وأما إن كانت تمليكا لشخص أو أشخاص معينين، فالظاهر أن حصول الملكية لهم موقوف على قبولهم، لوجوه:
الأول: الإجماع والاتفاق من غير خلاف على أنه من العقود، ولا شك في أن كل عقد مركب من الإيجاب والقبول، لأن المعاقدة والمعاهدة بين شخصين، فأحدهما يعاهد مع الآخر بتمليك ماله، غاية الأمر إن هذا التمليك والتملك إذا لم يكن بعوض يدخل في باب العطايا والهبات، وقد نبهنا أن الوصية مثل الهبة، والفرق بينهما هو أن