والعقد واقع بين الكفيل والمكفول له والمكفول أجنبي عن هذا الأمر، وذلك من جهة أن المقصود من عقد الكفالة هو وثوق المكفول له واطمينانه بعدم ذهاب حقه، وهذا أمر راجع إلى الكفيل والمكفول له والمكفول، لا شأن له في هذا المقام، ويكون حاله في باب الكفالة مثل حال المضمون عنه في باب الضمان. فكما أن المضمون عنه خارج عن أطراف العقد - والعقد واقع بين الضامن والمضمون له - فكذلك المكفول.
وبناء على صحة كفالة الأعيان المضمونة حال المكفول إذا كان إنسانا حال المكفول إذا كان من الأعيان المضمونة فكما لا يمكن ادعاء اعتبار الرضا فيها ولا يعقل، فكذلك إذا كان إنسانا.
وبعبارة أخرى: التعاقد والتعاهد بين الكفيل والمكفول له، لأن الكفيل يتعهد للمكفول له بإحضار ذلك مؤجلا بأجل معين أو معجلا، وهذا العقد والتعاهد لا ربط له بالمكفول أصلا. وحال المكفول إذا كان من ذوي العقول حاله إذا كان من غير ذوي العقول، مثل أن يكون حيوانا أو متاعا.
وأما ما ذكروا في وجه اعتبار رضاه أن وجهه امكان إحضاره فإنه متى لم يرض لم يلزمه الحضور معه، فعجيب، لأن طريق إحضاره ليس منحصرا بكونه راضيا بهذه الكفالة، بل وإن لم يكن راضيا ولا يرى نفسه ملزما بالحضور ولكن الكفيل قادر على إحضاره بالطرق العادية، وهذا المقدار يكفي في تحقق الكفالة وشمول الإطلاقات له.
ومنها: تعيين المكفول. قال في القواعد: فلو قال: كفلت أحدهما، أو قال: كفلت زيدا فإن لم آت به فبعمرو، أو بزيد أو عمرو بطلت (1). وذلك لما قلنا من أن حقيقة الكفالة هو التعهد بإحضار شخص، ومع الترديد أو كونه مجهولا كيف يتعهد بإحضاره.
ولكن الإنصاف أنه لو قال: كفلت أحد هذين، أي أتعهد بإحضار أحد هذين تتحقق الكفالة عرفا وتشمله الإطلاقات، إلا أن يرد دليل خاص على بطلان مثل هذا