فكان تشريع ثابتا في نظر الشرع إذا ثبت ذلك فان صومه صحيح شرعي ونية صحيحة وينوي الندب لأنه الوجه الذي صح عليه فعله فلا ينوي غيره وقال أبو حنيفة انه ليس شرعي وانما هو إمساك عن المفطرات لتأديب وفيه قوة وكذا المراة تؤمر بالصيام قبل سن البلوغ وهو تسع سنينا والانزال أو الحيض على ما يأتي ان المقتضي في الصبى موجود فيها فيثبت الامر مسألة والعقل شرط في صحة الصوم كما هو شرط في وجوبه لان التكليف يستدعي العقل لان تكليف غير العاقل قبيح ولقوله (ع) وعن المجنون حتى يفيق ولا يؤمر بالصوم كما يؤمر الصبى به بلا خلاف لأنه غير مميز بخلاف الصبى فإنه مميز فكان للتكليف في حقه فايدة بخلاف المجنون هذا إذا كان جنونه مطلقا اما لو أفاق وقتا دون وقت فإن كان إفاقة يوما كاملا وجب عليه الصيام فيه لو جود المقتضي لشرطه وهو العقل ولان صوم كل يوم عبادة بانفراده فلا يؤثر فيه ما يزيل الحكم عن غيره كاملا ووجب عليه يسقط الصوم عنه وسيأتي البحث فيه مسألة والإسلام شرط في صحة الصوم لا في وجوبه اما اشتراطه في الصحة فلان الكافر لا يعرف الله تعالى فلا يصح ان يتقرب إليه والنية شرط في الصوم وفوات الشرط يستلزم عدم المشروط تحقيقا للشرط واما عدم اشتراطه في الوجوب فلما تقدم من الكفار مخاطبون بفروع العبادات وقد سلف الخلاف فيه فهذا مذهب علمائنا أجمع مسألة والطهارة من الحيض والنفاس شرط في صحة الصوم في حق المراة وهو قول كل من يحفظ عنه العلم وروى الجمهور عن عايشه قالت كنات نحيض على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة وعن أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (ع) عن امرأة أصبحت صايمة في رمضان فلما ارتفع النهار حاضت قال تفطر قال وسألته عن امرأة رأت الطهر أول النهار قال تصلى وتتم يومها وتقضي وفي الصحيح عن عيص بن القسم العجلين عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن امرأة طمثت في شهر رمضان قبل أن تغيب الشمس قال تفطر حين تطمث وفي الصحيح عن منصور بن حازم عن أبي عبد الله (ع) قال اي ساعة وأت المراة الدم تفطر الصائمة إذا طمثت وفي الحسن عن الحلبي عن أبي عبد الله (ع) قال سألته عن امرأة أصبحت صائمة فلما ارتفع النهار أو كان العشاء حاضت أتفطر قال نعم وإن كان وقت المغرب فلتفطر قال وسألته عن امرأة رأت الطهر في أول النهار في شهر رمضان فتغتسل ولم تطعم فما تصنع في ذلك اليوم قال تفطر ذلك اليوم فإنما فطرها من الدم ولا خلاف بين المسلمين في ذلك فروع الأول حكم النفاس حكم الحيض وعليه الاجماع ولان دم النفاس هو دم الحيض وحكمه حكمه بلا خلاف الثاني لو وجد الحيض في عرض النهار فسد صيام ذلك اليوم سواء وجد في اوله أواخره بلا خلاف بين العلماء كافة ويدل عليه ما تقدم من الأحاديث لا يقال قد روى الشيخ عن أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) قال إن عرض للمراة الطمث في شهر رمضان قبل الزوال فهي في سعة ان تأكل وتشرب وان عرض لها بعد الزوال فلتغتسل ولتعد بصوم ذلك اليوم ما لم تأكل لأنا نمنع صحة سنده وفي طريقه علي بن فضال وهو فطحي قال الشيخ هذا الحديث وهم من الراوي لأنه إذا كان رؤية الدم هو الفطر فلا يجوز لها ان تعيد بذلك اليوم وانما يستحب لها ان تمسك بقية النها ر تأديبا إذا رأت دم بعد الزوال لما رواه محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر عليه السلام عن المراة ترى الدم غدوة أو ارتفاع أنهار أو عند الزوال قال تفطر وإذا كان بعد العصر أو بعد الزوال فلتمض على صومها ولتقض ذلك اليوم الثالث لو أمسكت الحايض ونوت الصوم مع علمها بتحريم ذلك النية فلم تعقد صومها ويجب عليها القضاء وهو وفاق مسألة وفي المغمى عليه قولان أحدهما انه يفسد صومه بزوال عقله ذهب الية أكثر علمائنا وبه قال الشافعي والثاني ان سبقت منه النية صح صومه وكان باقيا عليه اختاره المفيد ره وهو قول الشافعي وله قول ثالث انه ان أفاق في بعضه اوله أو وسطه أواخره صح صومه وإلا فلا وقال مالك ان أفاق قبل الفجر واستدام حتى يطلع الفجر صح صومه وإلا فلا وقال احمد إذا أفاق في جزء من النهار صح صومه وقال أبو حنيفة والمزني يصح صومه وإن لم يفق في شئ منه لنا انه يزول عقله فسقط التكليف عنه وجوبا وندبا فلا يصح منه الصوم مه ع سقوطه ولان كل ما تفسد الصوم إذا وجد في جميعه أفسد إذا وجد في بعضه كالجنون والحيض ويؤيده ما رواه الشيخ في الحسن عن عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال كلما غلب الله عليه فليس على صاحبه شئ ولان سقوط القضاء يستلزم سقوط الأداء في الصوم والأول ثابت على ما يأتي فيتحقق الثاني احتج أبو حنيفة بان النية قد صحت وزوال الشعور بعد ذلك لا يمنع من صحة الصوم كالنوم والجواب الفرق فان اليوم جبلة وعادة ولا يزيل العقل ولهذا مرسه بينه والا بما عارض يزيل العقل فأشبه الجنون فكان حكمه حكم السكران فلا يسقط عنه الفرض لأنه الجاني على نفسه فلا يسقط بفعله فرض الصوم وكذا النايم مسألة المستحاضة بحكم الطاهر يجب عليها الصوم ويصح منها إذا فعلت ما يفعله المستحاضة من الأغسال لما رواه الشيخ عن سماعة قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المستحاضة قال فقال يصوم شهر. رمضان الا الأيام التي كانت تحيض ثم تقضيها بعد وقد بيننا ذلك في باب الحيض ولو اختلف بالأغسال لم ينعقد بذلك الصوم وتقضيه لقوات شرطه ويؤيده ما رواه للشيخ في الصحيح عن علي بن مهزيار قال كتبت إليه امرأة طهرت من حيضها أو من دم نفاسها في أول يوم من شهر رمضان ثم استحاضت فصلت وصامت شهر رمضان كله من غير أن تعمل ما تعمل المستحاضة من الغسل لكل صلاتين هل يجوز صومها وصلاتها أم لا فكتب تقضى صومها ولا تقضى
(٥٨٥)