وقال آخرون: الفعل المأتي به في أول الوقت يقع مراعى، فإن بقي المكلف على صفات التكليف عرف أن المأتي به كان واجبا، وإن خرج عن صفات المكلفين ظهر عدم وجوبه.
والحق عندنا: أنه واجب في جميع أجزاء الوقت بمعنى أن للمكلف الإتيان به في أول الوقت وأوسطه وآخره إلا أن الأول أفضل، وإذا أوقعه في كل وقت من أوقات العبادة كان واجبا بالأصالة، وليس بدلا عن أوله أو آخره، وسواء بقي على صفات التكليف أولا، ويكون في الحقيقة الواجب هنا كالواجب المخير، بمعنى أنه مكلف بإيقاع الفعل في أي وقت شاء من وقت العبادة، ولا يجب عليه الإتيان به في جميعها، ولا يجوز له الإخلال به في الجميع.
لنا: إنه مأمور بإيقاع العبادة في جميع أجزاء الوقت فيحرم عليه إخلاء الوقت عن الفعل، ولا يجب عليه إيقاع الفعل في أجزاء الوقت جميعا، لأن المأمور به هنا واحد لا متعدد. وتخصيص أول الوقت بالوجوب أو آخره تحكم من غير دليل، ومن هنا ظهر التخيير.
احتج المخالف بأنه يجوز تركه في أول الوقت فلا يكون واجبا.
والجواب: المنع من الملازمة، لأنا إنما نجوز له ترك الفعل في أول الوقت بشرط الإتيان به في آخره لا مطلقا.
احتج المفيد بما رواه عبد الله بن سنان في الصحيح قال: سمعت أبا عبد الله - عليه السلام - يقول لكل صلاة وقتان فأول الوقت أفضله، وليس لأحد أن يجعل آخر الوقتين وقتا إلا في عذر من غير علة (1).
والجواب: إن الحديث يدل على أن التقديم من باب الأولى، لا إنه واجب