قريب العهد بالبلوغ الذي لم يصدر منه معصية لا على أساس الملكة، بل على أساس الصدفة.
وقد يقال: إن هذه الروايات إنما تعارض ما دل على اشتراط العدالة في الشاهد، لا أنها تفسر العدالة بمجرد عدم الذنب.
وقد يجاب على ذلك: بأن أنس ذهن المتشرعة باشتراط العدالة في الشاهد يعطي لهذه الروايات ظهورا في تفسير العدالة بمجرد عدم الذنب.
وقد يقال برأي وسط بين اشتراط الملكة وكفاية عدم صدور الذنب وهو: أن مجرد عدم صدور الذنب المجتمع مع عدم أي رادع نفسي عن الذنب - كما قد يحصل لإنسان قريب العهد ببلوغه سن التكليف - لا يكون عدالة، والمحدود التائب ليس حاله هكذا، فإن توبته تعني تحقق الرادع النفساني فيه، فالعدالة عبارة عن ترك المعاصي عن رادع نفساني، أما وصول الرادع النفساني إلى مستوى الملكة بحيث لا ينكسر عادة إلا في حالات نادرة جدا يتوفر فيها مستوى خاص من المغريات، فليس شرطا في تحقق العدالة، وذلك بدليل هذه الروايات التي اقتصرت على مجرد التوبة. والصحيح أن هذه الروايات ليست بصدد إثبات العدالة الواقعية للمحدود الذي تاب، بدليل أنها لم تفترض العلم بخلوه عن باقي الذنوب رغم أنه عادة لا يعلم عن محدود تاب كونه خاليا عن باقي الذنوب، وإنما هي بصدد بيان قبول شهادته المبتني في ظاهر الشرع على حسن الظاهر الذي سيأتي أنه أمارة على العدالة، والمفروض أن توبته تعيد إليه حسن ظاهره الذي انكسر بفعل ما أوجب عليه الحد.
على أن الرواية الوحيدة التامة سندا من تلك الروايات هي هذه الرواية التي نقلناها والتي تشتمل على أن توبته تكون بتكذيب نفسه عند الإمام وعند المسلمين، ولا يبعد أن يقال: إن الاستعداد لتكذيب النفس عند الإمام وعند المسلمين لا يحصل من دون حصول الملكة.