الكبيرة والصغيرة، أو وجوب عقلي سنخ وجوب الطاعة، فكما أن العقل حكم بأن مقتضى العبودية للمولى امتثال أوامره وترك نواهيه، كذلك حكم بأن مقتضى العبودية له الندم على معصيته، وهذا أيضا لا يفرق فيه بين أن يكون الذنب معفوا عنه أو لا. ويحتمل كون أوامر التوبة إرشادا إلى هذا الحكم العقلي.
وعلى أي حال فقد أنكر بعض انقسام المعاصي إلى الصغائر والكبائر، فقال:
إن المعاصي كلها كبائر باعتبار المعصي - جل وعلا - إلا أن بعضها أكبر من بعض في سلم الدرجات المتفاوتة، وقال أستاذنا المرحوم آية الله الشاهرودي (رحمه الله): " إن المعاصي لا تنقسم إلى صغائر وكبائر، وإنما تنقسم إلى الذنوب المكفرة - بالكسر - أي التي يكون تركها مكفرا لباقي الذنوب، والذنوب المكفرة - بالفتح - أي الذنوب التي تغفر بترك باقي الذنوب ".
أقول: كل هذا يرجع إلى نزاع لفظي، إلا أن ينكر أحد أصل كون ترك بعض الذنوب مكفرا للبعض الآخر، فذلك يكون نزاعا حقيقيا، وهو خلاف ما يستفاد من الآية المباركة والروايات وتفسير الآية بمعنى إن تجتنبوا الذنوب الكبيرة الواردة في هذه السورة - مثلا - نكفر عنكم ما وقع منكم منها في ما سلف، سنخ قوله - تعالى -:
* (قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) * (1)، وقوله تعالى: * (ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء، إلا ما قد سلف) * (2)، وقوله تعالى: * (وأن تجمعوا بين الأختين، إلا ما قد سلف) * (3)، وقوله تعالى: * (عفا الله عما سلف، ومن عاد فينتقم