الكتاب - أي كان أقرب إلى الإمام سواء كان الشخص غير ثابت التوثيق قبل صاحب الكتاب أو بعده - فهنا هل نطبق عليه نظرية التعويض أو لا؟ قد يقال بعدم الفرق بين الفرضيتين تمسكا بإطلاق قوله: " أخبرنا بكتبه ورواياته ".
ولكن الظاهر عندي هو التفصيل بين الفرضيتين، فنحن إنما نقبل بنظرية التعويض هذه حينما يكون ذاك الثقة - الذي كان للشيخ إلى جميع رواياته سند تام - عبارة عن نفس صاحب الكتاب الذي روى الشيخ الحديث عن كتابه، أو من كان واقعا في السند الذي يصل الشيخ بذلك الكتاب. أما إذا كان بين الإمام وصاحب الكتاب فلا نطبق عليه هذا القانون، وهذا الكلام ينشأ من فهمنا لكلمة (رواياته) في قوله: " أخبرنا بكتبه ورواياته "، أو قوله: " أخبرنا برواياته ".
توضيح ذلك: أنه يحتمل في كلمة (رواياته) أمران:
الأول - أن يشمل الروايات الشفهية، فكأنه حينما قال: " أخبرنا بكتبه ورواياته " قصد بذلك أنه أخبرنا بما رواه في كتبه وبما رواه في كتب وكتابات الآخرين وبما رواه من روايات شفهية فلان عن فلان، وبناء على هذا الاحتمال يتم 3 ما مضى من بطلان الاحتمال الأول من الاحتمالات الخمسة، وهو إرادة واقع الكتب والروايات، لما قلنا من أنه لا سبيل للشيخ إلى الإحاطة بكل رواياته بنحو يقطع أنه لم يرو أي رواية أخرى إلى غير ذاك السند، ويتم أيضا ما ذكرناه من التمسك بإطلاق جملة (أخبرنا بكتبه ورواياته)، أو جملة (أخبرنا برواياته) لإثبات عدم الفرق بين ما لو وقع الثقة - الذي للشيخ إليه سند تام - بين الشيخ وصاحب الكتاب، أو بين الإمام وصاحب الكتاب. إلا أن هذا الاحتمال بعيد غاية البعد، فإن الشيخ (رحمه الله) قد تكررت منه كثيرا هذه الجملة، وبشأن كثيرين ممن يكون الفاصل بينه وبين الشيخ متعددا، ورواياته الشفهية كثيرة ومتناثرة وواصلة إلى الشيخ ضمن كتب المتأخرين عنه، وعادة لا يمكن للشيخ الشهادة بوصول كل رواياته - الواقعية أو