عليكم حاكما، فإذا حكم بحكمنا فلم يقبل منه فإنما استخف بحكم الله، وعلينا رد، والراد علينا الراد على الله، وهو على حد الشرك بالله) (1).
وقد رد السيد الخوئي (رحمه الله) كلا هذين الحديثين بضعف السند، ويقصد بذلك عدم ثبوت وثاقة إسحاق بن يعقوب في الحديث الأول، وعمر بن حنظلة - كما صرح به - في الحديث الثاني، ورغم هذا آمن بأصل فكرة القاضي المنصوب على أساس توقف حفظ النظام المادي والمعنوي على القضاء الموجب لوجوبه كفاية.
وقد يقال إن الوجوب الكفائي حكم تكليفي لا يثبت النصب الذي هو حكم وضعي، والحكم لا يحقق موضوعه وشروطه، فلو كان الشرط في نفوذ القضاء هو النصب فكيف يمكن إثبات ذلك بوجوبه؟!.
إلا أنه بالإمكان الإجابة على ذلك: بأنه لو كان الوجوب الكفائي للقضاء ثابتا بنص خاص مثلا مشروطا بنصب الإمام صح القول بأن هذا الوجوب لا يثبت النصب، فإذا لم يكن دليل على النصب لم يمكن إثباته بالوجوب الكفائي، ولكن الوجوب الكفائي هنا ثبت بعلمنا بعدم رضا الشارع باختلال النظام، وهذا العلم كما يثبت وجوب القضاء كذلك يثبت نفوذه، لأننا نعلم أن مجرد الوجوب بلا نفوذ لا يرفع الاختلال، ونفوذه يعني إمضاء الشارع لقضائه. حينئذ لو كان إمضاء الشارع لقضائه بعد فرض ترافع المتنازعين لديه كافيا في رفع الاختلال ثبت بذلك قضاء التحكيم، أما لو فرض أن مجرد ذلك لا يرفع الاختلال لأنه كثيرا ما يتفق أن أحد المتخاصمين لا يرضى بالتحاكم، فلا بد من قاض منصوب يحق له جلب المتخاصم عند طلب المتخاصم الآخر ثبت بذلك على الإجمال أن الشريعة الإسلامية نصبت بعض الناس قضاة. أما من هم هؤلاء البعض؟ - وقد افترضنا عدم