ملئه من قبل الأعداء بطريقتهم الخاصة فهو رغم علاجه لمشكلة اختلال النظام بطريقتهم لا يمنع الإسلام عن علاجه بطريقه الخاص. إذن فالإسلام كنظام شامل للحياة مشتمل على وجوب القضاء الحق حتما. نعم هذا لا يكفي لإثبات وجوب القضاء الحق في ظل دولة غاصبة عند الإمكان.
وأما إذا بحثنا المسألة على المستوى الثاني فقد يقال: إنه لا يمكن الاستدلال على وجوب القضاء الحق عند الإمكان في ظل دولة غاصبة بلزوم الاختلال بتركه، لوضوح أن نفس الدولة الغاصبة تقوم بطريقتها الخاصة بالمنع عن الاختلال، ولكن مع ذلك لا ينبغي الإشكال في وجوب إقامة القضاء الحق حتى في ظل دولة غاصبة إن أمكن، وذلك:
أولا - لأجل ما سيأتي - إن شاء الله - في محله من تحريم الشريعة الإسلامية للتحاكم لدى الطاغوت - على الأقل عند إمكان التحاكم إلى من يقضي بالحق -، والمفهوم عرفا من هذا التحريم بمناسبة الحكم والموضوع أن التحاكم عند الطاغوت مفسدة اجتماعية مبغوضة لدى الشارع لا يرخص فيها إلا لأجل نفي الحرج مثلا، وعلى المجتمع سد هذه المفسدة بشكل لا يوجب اختلال النظام، فكما يجب على المترافعين أن لا يترافعا عنده كذلك يجب على من يستطيع التصدي للقضاء الحق أن يتقبل منهما رفع التنازع إليه.
وثانيا - لأن قضاة الجور كثيرا ما يقضون بالظلم والجور، بينما دفع الظلم ورفع المنكر واجبان كفاية، فيجب كفاية على القادرين على علاج ذلك بتصديهم للقضاء الحق التصدي لذلك.
هذا. وذكر في الجواهر ما مضمونه: أن القضاء بما هو منصب من المناصب إنما يعطى للشخص من قبل الإمام، فلا معنى لوجوبه كفاية على المسلمين. نعم يجب القضاء كفاية على المنصوبين له من قبل الإمام، أو يجب تولي القضاء من الإمام سنخ