وليس منهيا عنه، إلا بالمعنى الأصولي القائل: إن الأمر بالشئ يقتضي النهي عن ضده، فالمعنى: أن اجتناب المحرمات الكبيرة يوجب تكفير السيئات، وليس المقصود بالسيئات ما يشمل ترك الواجبات، وإلا للزم أن يكون ترك الصلاة التي هي عمود الدين مكفرا بترك المحرمات الكبيرة، وهذا غير محتمل، فكأن الآية الكريمة تنظر مسبقا إلى من هو ملتزم بالواجبات فتقول: لو ترك المحرمات الكبيرة كفرنا عنه صغائر المحرمات.
ويؤيد هذا الاستظهار أن أكثر روايات تعداد الكبائر غير مشتملة على ترك الصلاة، أو ترك أي واجب آخر في حين لا يحتمل كون ترك الصلاة التي هي عمود الدين أصغر من كل الكبائر المعدودة في تلك الروايات.
نعم توجد روايتان ذكرتا ذلك:
الأولى - ما مضى من رواية عبيد بن زرارة - بسند تام - عن أبي عبد الله (عليه السلام)، حيث جاء في ذيلها قوله: " فقلت: هذا أكبر المعاصي؟ قال: نعم قلت:
فأكل الدرهم من مال اليتيم ظلما أكبر أم ترك الصلاة؟ قال: ترك الصلاة، قلت: فما عددت ترك الصلاة في الكبائر، قال: أي شئ أول ما قلت لك؟ قلت: الكفر. قال:
فإن تارك الصلاة كافر، يعني من غير علة " (1). إلا أنك عرفت أن مثل هذه الرواية لا تحمل على النظر إلى تفسير الكبيرة بالمعنى الوارد في آية التكفير.
الثانية - ما أشرنا إليه من رواية عبد العظيم الحسني (رضي الله عنه)، حيث جاء فيها ذكر ترك الصلاة متعمدا أو شئ مما فرض الله - عز وجل - وهذه الرواية ليست واردة في تفسير آية التكفير، بل هي واردة في تفسير آية اللمم، ولم ترد كلمة النهي في آية اللمم، وإنما قال: * (اللذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش...) * بينما وردت