وقال - تعالى -: * (قال اخرج منها مذؤوما مدحورا لمن تبعك منهم لأملأن جهنم منكم أجمعين) * (1).
وقال - تعالى -: * (قال: فالحق والحق أقول لأملأن جهنم منك وممن تبعك منهم أجمعين) * (2).
والواقع: أن هذا الإشكال لو تم لكان إشكالا على أصل تقسيم المعاصي إلى الكبائر، والصغائر، والوعد الجزمي بالعفو عن الصغائر على تقدير ترك الكبائر، لأن الوعيد بالنار لا يجتمع عرفا مع الوعد الجزمي بالعفو غير المعلق على التوبة.
ومن الواضح أن المقصود بهذه الآيات ليس من يرتكب الصغيرة، بل ولا من يرتكب الكبيرة، فليس مجرد ارتكاب كبيرة موجبا للخلود، أو سببا لملء جهنم به، وإنما تنظر هذه الآيات إلى الملحدين والمنافقين والأشقياء والمستهترين بالمعاصي وأمثالهم.
الثاني - أن هناك روايات عديدة وردت في حصر الكبائر في عدد قليل كسبع، أو خمس، أو تسع، أو عشر، بينما لو كانت الكبائر عبارة عما أوعد الله عليه النار، فهي كثيرة وغير منحصرة في عدد قليل، ولعل المنصرف من كلمة الكبائر في الروايات هو المعنى المقصود في قوله - تعالى -: * (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه، نكفر عنكم سيئاتكم) *. فليس المقصود من الكبائر في هذه الروايات معنى آخر غير المعنى المبحوث عنه.
والواقع: أن هذا ينبغي أن يكون إشكالا على تلك الروايات، ويفحص عن جوابه، لا أن يكون إشكالا على المقياس الماضي للكبائر وهو الوعيد بالنار، وذلك