من سائر المعاصي، وأن لا تكونا ناظرتين إلى تفسير الآية الكريمة، فإن وجدت في هاتين الروايتين معصية لم يوعد عليها النار، قلنا في مقام الجمع: إن هذه كبيرة بالإضافة لما هي أصغر منها، وليست كبيرة بالمعنى المقصود بالآية المباركة، كي تعارض الروايات المفسرة للآية بما أوعد الله عليه النار، وإن وجدنا معصية أوعد عليها النار غير مذكورة في هاتين الروايتين قلنا: إنهما لم تكونا بصدد الحصر الحقيقي للكبيرة بالمعنى الوارد في الآية الكريمة.
أما الرواية الأولى فهي أيضا غير واردة بصدد تفسير قوله - تعالى -: * (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم) *، وإنما هي واردة بالنظر إلى آية أخرى، وهي قوله: * (الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش) * إلا إذا جزمنا بوحدة المعنى في الآيتين كما ليس ببعيد، وعلى أي حال فلو وجدنا معصية مما أوعد عليها النار غير مذكورة في هذا الحديث الشريف، قلنا: إن هذا الحديث لا ينفي كونها من الكبائر، بل يثبت ذاك، وذلك لما جاء في هذا الحديث الشريف من التعليل لإثبات كون المعاصي المذكورة فيها كبائر بالآيات القرآنية المنذرة، بل وبالسنة بالنسبة لترك الصلاة.
يبقى أن هذا الحديث الشريف (أعني حديث عبد العظيم الحسني (رضي الله عنه)) فرض ترك أي شئ مما فرض الله - عز وجل - كبيرة، بينما لم نجد في القرآن الوعيد بالنار على ترك كل ما فرض الله. ثم ماذا نقول في ترك الصوم؟ أفهل يحتمل فقهيا عدم كونه من الكبائر؟!! طبعا لا، مع أنه لا يوجد في القرآن الوعيد عليه بالنار، وهذا كله قد يشهد لكون المقصود بروايات تعريف الكبيرة بما أو عد الله عليه النار، هو الوعيد بالنار في الشريعة لا في خصوص القرآن.
وقد يقال: إن النظر في آية التكفير إلى المحرمات فقط، دون ترك الواجبات بقرينة قوله - تعالى -: * (... ما تنهون عنه) *، فإن ترك الواجب ترك للمأمور به،