مسألة: قال علماؤنا: المفرد إذا دخل مكة جاز له فسخ حجه، وجعله عمرة متمتع بها ولا يلب بعد طوافه، ولا بعد سعيه، لئلا ينعقد إحرامه بالتلبية، أما القارن فلبس له العدول إلى المتعة، وزعم فقهاء الجمهور أن نقل الحج المفرد إلى التمتع منسوخ.
لنا: ما اتفق عليه الرواية من (أن النبي صلى الله عليه وآله أمر أصحابه حين دخلوا مكة محرمين بالحج، فقال عليه السلام من لم يسق الهدي فليحل وليجعلها عمرة، فطافوا، وسعوا، وأحلوا، وسئل عن نفسه، فقال إني سقت الهدي، ولا ينبغي لسايق الهدي أن يحل حتى يبلغ الهدي محله) (1) وروى ذلك ومعناه جماعة منهم: جابر، وعايشة وأسماء بنت أبي بكر. وقالت (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله فلما قدمنا مكة، قال رسول الله صلى الله عليه وآله من لم يكن معه هدي، فليحل، فأحللت وكان مع الزبير هدي، فلم يحل فلبست ثيابي وخرجت فجلست إلى جانب الزبير، فقال قومي عني، فقلت أتخشى أن أثب عليك) (2).
وأما النسخ الذي يدعونه فمنسوب إلى عمر، ولا يجوز ترك ما علم من النبي صلى الله عليه وآله متواترا بالرأي، وقد رووا في الصحيح عن أبي موسى قال (كنت ممن أمر بي رسول الله صلى الله عليه وآله أن أجعل ما أهللت به عمرة، فأحللت بعمرة، وكنت أفني بذلك حتى قدم عمر فقلت يا أمير المؤمنين ما هذا الذي بلغني أنك أحدثت في النسك فقال نأخذ بكتاب الله تعالى قال الله يقول: (وأتموا الحج والعمرة لله) (3).
والجواب أن النبي صلى الله عليه وآله أمر بفسخ الحج إلى العمرة في حجة الوداع، ومات صلى الله عليه وآله على ذلك. ولا منسخ بعد موته فإذن ما ذكروه لا يجوز المصير إليه مع شهادة