ومحمد: لا يبطل بالقليل، لأن مثل ذلك محلل في موضع الجواز، وقلنا: ذلك اليسير في موضع الجواز للضرورة بخلاف ما لو أنفرد والثاني: يجوز أن يخرج رأسه (ليرجل شعره) (1) ويده وبعض أطرافه، لما يعرض من حاجة إلى ذلك، لأن المنافي للاعتكاف خروج، لا خروج بعضه، وقد روى الجمهور عن عائشة (أن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يدني إلى رأسه لا رجله وهو معتكف وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان) (2).
وأجاز أبو حنيفة: الخروج للجمعة، وقال الشافعي: يبطل بخرجه، لأنه كان يمكنه الاعتكاف حيث يقام الجمعة، وربما سقط هذا على ما قلناه، ومن أن الاعتكاف لا يكون إلا حيث يقام الجمعة، ولو اتفق إقامة الجمعة في غير الجامع لضرورة اتفقت لم أمنع خروجه مع بقاء الاعتكاف، وقال أبو حنيفة: لا يطيل إلا بقدر الصلاة و النافلة، وأجاز بعض أصحابه: الجلوس يوما، لأنه مكان يجوز ابتداء الاعتكاف فيه والوجه أنه لا يجوز لأن المكان يتعين بإنشاء الاعتكاف فيه.
مسألة: قال الأصحاب: يجوز الخروج، لتشييع الجنازة، وعيادة المريض وزيارة الوالدين، ولا يبطل اعتكافه، وخالف الجمهور في ذلك.
لنا: أن ذلك (مستحب مؤكد) والاعتكاف لبث للعبادة، فلا يكون مانعا " من العبادة المؤكدة، لكن إذا خرج لا يقعد حتى يعود إلى معتكفه.
ويدل على ذلك: ما رواه الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ((لا ينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد إلا لحاجة لا بد منها ولا يجلس حتى يرجع ولا يخرج في شئ إلا لجنازة أو يعود مريضا ولا يجلس حتى يرجع (3)) وما رواه داود ابن سرجان عن