والنساء المنفرد، والجامع، هذا اختيار الشيخ في الخلاف، وقال علم الهدى: يجبان في الجماعة. وتجب الإقامة على المنفرد في غير المنفرد، ويجبان في الغداة، والمغرب، وقد مضى البحث في ذلك، وأما أنه لا يؤذن لغير الخمس فعليه إجماع علماء الإسلام.
مسألة: ويتأكد استحبابهما فيما يجهر فيه بالقراءة، وآكده الغداة، والمغرب ذكر ذلك الشيخ في المبسوط لأن الجهر بها يؤذن بعناية الشرع والتنبيه عليها، وفي الأذان زيادة تنبيه فيتأكد فيها، ويدل على التأكيد في المغرب، والغداة ما روى الأصحاب عن الصباح بن سيابة، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: (لا تدع الأذان في الصلاة كلها، فإن تركته فلا تتركه في المغرب والفجر فإنه ليس فيهما تقصير) (1).
مسألة: قاضي الفرائض الخمس يؤذن لأول ورده ثم يقيم لكل واحدة، ولو اقتصر على الإقامة في الكل جاز، وبه قال الشيخ في المبسوط والخلاف ولو جمع بين الأذان والإقامة لكل فريضة كان أفضل، والورد الجزء ومنه قرأت وردي وبما قلناه قاله الشيخان: يدل على ذلك ما رووه، عن أبي عبيدة بن عبيد الله، عن أبيه، قال: (إن المشركين شغلوا النبي صلى الله عليه وآله يوم الخندق عن أربع صلوات حتى ذهب من الليل ما شاء الله، فأمر بلالا فأذن فأقام فصلى الظهر، ثم أمره فأقام فصلى العصر، ثم أمره فأقام فصلى المغرب، ثم أمره فأقام فصلى العشاء) (2).
وقد روى مالك، عن أبي سعيد (أن النبي صلى الله عليه وآله أمر بلالا بالإقامة في كل صلاة ولم يأمره بالأذان) (3) ولأن الأذان إعلام بدخول أوقات الصلاة فلا معنى لإيقاعه بعد فواتها.