وبه قال الشافعي في الجديد، وقال مالك: يمنع في الباطنية لا في الظاهرة. وقال أحمد: يمنع في الباطنية وفي الظاهرة روايتان. وقال أبو حنيفة: يمنع إذا توجهت به المطالبة إلا في الحرث، لأن العشر عنده ليس زكاة بل هو حق للأرض.
لنا الأخبار الدالة على وجوب الزكاة مطلقة، فيسقط اعتبار الدين، ولأن الشرائط المعتبرة في الزكاة موجودة مع الدين، فتجب الزكاة كما تجب مع عدمه ولأن سعاة النبي صلى الله عليه وآله كانوا يأخذون الزكاة من غير مسألة عن الدين ولو منع لزمهم السؤال عنه.
واحتج المانعون بما رواه ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله قال: (إذا كان لرجل ألف درهم وعليه ألف درهم فلا زكاة عليه) ولقوله عليه السلام (أمرت أن آخذ الزكاة من أغنيائكم فأردها على فقرائكم) (1) ومن عليه دين يستغرق أمواله يعطى الزكاة فيكون فقيرا " فلا تجب عليه الزكاة، ولأن المدين محتاج إلى قضاء دينه فكان صرف ماله إلى قضاء دينه أولى من الصدقة به.
والجواب عن الخبر أنه واحد فيما يعم به البلوى، فلا يعمل به، لأن أكثر الصحابة لم ينفكوا من الديون فلو منع، لسقطت عنهم ولكان ذلك مستفيضا " لا يختص بنقله الواحد، وقوله (أمرت أن آخذ الزكاة من أغنيائكم)، لا يدل على اختصاص الغني إلا بدليل الخطاب وهو متروك، على أن الزكاة قد يأخذها من وجبت عليه فلو كان عند الإنسان نصاب لا يقوم به مائتا درهم مثلا وقد حال عليهما الحول عنده فإنه يزكيها ويقبل الزكاة لمؤنة عياله، وكذا قد يقبل الفطرة من تجب عليه زكاة المال إذا كان النصاب لا يقوم بمؤنته.
وقوله المدين يحتاج إلى قضاء دينه فلا يصرف ماله في الصدقة، قلنا لا نسلم أن ذلك مال له بل مال الفقراء ولا يقضي دينه بمال غيرة.