يبعد أن يكون ارشادا إلى المعنى العرفي فإن العرف يكون بناؤه على الغسل من أعلى الوجه إلى الأسفل دون العكس فيمكن أن لا يكون هنا تعبد في وجوب الابتداء من الأعلى بل هو ارشاد إلى المتداول عند العرف والعرف إذا غسل أحدهم وجهه من فوق الحاجب أو من وسط الجبين يقولون: إنه غسل من الأعلى كما هو ظاهر.
نعم على هذا يجب غسل ما فوق الحاجب إلى قصاص الشعر بعده حتى يتحقق التحديد المذكور في الروايات ثم إن حد الوجه طولا من قصاص الشعر إلى أسفل الذقن وعرضا ما أحاطت عليه الابهام والوسطى كما دلت عليه الرواية المتقدمة وعليه اجماع العلماء فما خرج من هذين الحدين كالصدغ والعذار ومقدار قليل من الجبينين وغيرها فهو خارج عن حد الوجه فلا يجب غسله.
وأما اللحية فإن كانت خفيفة بحيث ترى البشرة من تحتها يجب غسلها وغسل ما تحتها من البشرة ووجهه واضح فإن البشرة الظاهرة يجب غسلها وغسل ما عليها من الشعر لأنه من توابعها وأما إذا كانت كثيفة بأن أحاطت بالبشرة فلا يجب غسل البشرة التي تحتها ويجب غسلها لصدق الوجه عليها عرفا والآية المباركة قد دلت على وجوب غسل الوجه والبشرة المختفية تحت اللحية لا يصدق عليها الوجه بخلاف اللحية مضافا إلى أنه قد فسر الوجه في كتب اللغة بأنه ما يواجه به فإن ما يواجه به هي اللحية دون البشرة المختفية تحتها ومضافا إلى دلالة بعض الأخبار على ذلك.
منها رواية محمد بن مسلم عن عن أحدهما عليهما السلام قال: سألته عن الرجل أيبطن لحيته قال: لا (1) أي يغسل تحت لحيته وباطنها فقال (ع): لا ومنها رواية زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له: أرأيت ما أحاط به الشعر فقال: كل ما أحاط به من الشعر فليس للعباد أن يطلبوه ولا يبحثوا عنه ولكن يجري عليه الماء (2).
هذا كله في غير مسترسل اللحية وأما مسترسل اللحية أي صاحب اللحية التي خرجت عن حد الوجه فلا يجب غسله لعدم صدق الوجه على ما خرج عن حد الوجه عرفا نعم يجب ح غسل ما كان في حد الوجه فقط.