الوشاء عنه عليه السلام أنه كان يكره سؤر كل شئ لا يأكل لحمه (1).
وهذه الرواية وإن كانت مرسلة إلا أنها كافية في كونها مستندة للكراهة للتسامح في أدلة السنن والمكروهات مع أنه يعضدها مفهوم الرواية المتقدمة التي نفى البأس فيها بالنسبة إلى المأكول وألحق المشهور بمكروه اللحم الجلال وهو المتغذى بعذرة الانسان إلى حد يحرم لحمد وكذا آكل الجيف بل نقل عن السيد والشيخ وابن الجنيد بنجاسة سؤر الجلال ولم يعلم وجهه إلا أن يقال بنجاسة موضع الملاقاة في الجلال إما لنجاسة لعابه أو لعدم انفكاك موضع الملاقاة عن التلطخ بالنجس غالبا أو لنجاسة عرقه كما هو المشهور أو لنجاسة نفس الجلال كما عن بعض.
لكن لا يخفى ما في الكل أما الأول فهو منتقض ببصاق شارب الخمر فإنه طاهر وأما الثاني فهو مخالف لمفروض المشهور لأنهم قيدوا كراهة سؤر الجلال بخلو موضع الملاقاة عن النجاسة فح يصير هذا القول مخالفا للمشهور وكذا بناء على نجاسة عرقه فإن التلطخ بالعرق أيضا مخالف لمفروض المشهور المقيدين له بخلو موضع الملاقاة عن النجاسة.
وأما نجاسة الجلال فهي خلاف ما عليه السيد والشيخ وابن الجنيد من الحكم بطهارته فالقول بنجاسة سؤره ضعيف وأما الكراهة فليس لها مستند أيضا سوى مرسلة الوشا المتقدمة بناء على تعميم غير مأكول اللحم الذاتي والعرضي وهو مشكل فإن المتبادر من غير مأكول اللحم هو الذاتي ويمكن أن تستفاد الكراهة من رواية العيص الواردة في سؤر الجنب والحائض وهي ما رواه العيص بن القاسم قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن سؤر الحائض قال: لا توضأ منه وتوضأ من سؤر الجنب إذا كانت مأمونة وتغسل يدها قبل أن تدخلها الإناء (2).
فإنه يستفاد منها خصوصا بناء على اسقاط كلمة لا من قوله: لا توضأ منه كما عن التهذيب والاستبصار أنها إذا كانت مأمونة فلا بأس بالتوضؤ من سؤرها ومفهومها كراهة التوضؤ أو حرمته إذا لم تكن مأمونة ولا أقل من الكراهة فيمكن أن يستشعر منها أن العلة في كراهة التوضؤ أو حرمته في غير المأمونة هي كونها معرضا لتنجس سؤرها إذا لم تكن مأمونة