ثم إنه استدل بذيل هذه الصحيحة على عدم وجوب إزالة النجاسة من البدن قبل الغسل أو حينه بتقريب أن قوله (عليه السلام) فإن كنت في مكان ليس بنظيف فاغسل رجليك يستفاد منه أن غسل الرجل من النجس جائز ولو بعد الغسل.
ولكن ليس في الرواية ظهور في وجوب غسل الرجل بعد الغسل بل بقرينة صدرها المراد هو غسل الرجل من القذارة قبل أن يصب عليها الماء بقصد الغسل كما استظهرناه منها وكيف كان فاطلاقات سائر الأخبار التي هي في مقام البيان تعارض هذه الروايات إلا أن يقال: هذه الروايات تخصص تلك الاطلاقات مع أن من العلوم عدم بقاء الاطلاقات على حالها لورود المقيدات الكثيرة عليها من طهارة ماء الغسل وعدم غصبيته وعدم غصبية مكان الغسل وغير ذلك من الشرائط التي هي اجماعية فلا بد من تقييدها فلتكن هذه الروايات من مقيداتها والمسألة بعد غير خالية عن الاشكال بملاحظة الاطلاقات الواردة مورد البيان ومورد الحاجة فلا يترك فيها الاحتياط بإزالة النجس عن العضو الذي يريد غسله قبل الشروع في غسل ذلك العضو.
ثم إنه استدل أيضا لإزالة النجس قبل الغسل باشتراط طهارة ماء الغسل اجماعا فلو لم يكن إزالة النجاسة عن البدن قبل الغسل معتبرة يلزم تجويز الاغتسال بالماء المتنجس لأنه ينجس ماء الغسل بصبه على الموضع النجس وأجيب بنقض ذلك بالماء المستعمل في رفع الخبث بناء على نجاسة الغسالة مع أنه نجس ومزيل للخبث فالذي عليه الاجماع من عدم مطهرية الماء النجس للحدث والخبث مورده ما إذا كان نجسا قبل ملاقاته للمحل النجس لا ما إذا صار نجسا بسبب الصب على الموضع النجس فيمكن أن نقول هنا بأنه لا مانع من الاغتسال بهذا الماء الذي يصير نجسا بملاقاته للمحل النجس مضافا إلى أن هذا الاشكال غير جار فيما إذا اغتسل بماء الكر بأن كان الاغتسال وإزالة النجاسة في آن واحد.
وربما استدل أيضا لوجوب إزالة النجاسة قبل الغسل بما هو المركوز في أذهان المتشرعة من اعتبار كون محل الغسل طاهرا ولكن يرد عليه بأن ارتكازهم إنما نشأ من فتاوي الأصحاب الذين حكموا بوجوب طهارة أعضاء الغسل فمع قطع النظر عن هذه الفتاوي لا يعلم وجود هذا الارتكاز.
وهل يجب المباشرة في غسل الأعضاء أو تجوز الاستنابة - المشهور هو الأول وربما