إلا أن ذيلها يوجب الوهن في التمسك بصدرها لأن قوله على ما في بعض النسخ: ولا تمس خيطه بدل خطه وكذا قوله: ولا تعلقه يجعلها ظاهرة في كراهة المس لأن مس خيطه وتعليقه جائز بالاجماع.
ومنها رواية حريز عمن أخبره عن أبي عبد الله عليه السلام أنه كان إسماعيل بن أبي عبد الله عنده فقال: يا بني اقرأ المصحف قال: إني لست على وضوء فقال: لا تمس الكتاب ومس الورق واقرأ (1) وهذه الرواية فيها قرينة ظاهرة على أن المراد بالكتاب هو نفس الكتابة لأن فيها التصريح بجواز مس الورق فيعلم منه أن الكتاب في هذه الرواية وكذا الرواية الآتية وكذا الآية يراد منه ما عد الورق وغيره يعني يراد منه نفس الكتابة.
ومنها رواية أبي بصير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عمن قرأ في المصحف وهو على غير وضوء قال: لا بأس ولا يمس الكتاب (الكتابة خ ل) (2) وهذه النسخة أي نسخة الكتابة أيضا مؤيدة لكون المراد بالكتاب الكتابة ثم إن هاتين الروايتين وإن كان موردهما غير المتوضي إلا أنهما تشملان الجنب أيضا بطريق أولى لأن الجنب على غير وضوء مع الزيادة وهي كونه متلبسا بالحدث الأكبر.
ومنها رواية محمد بن مسلم قال: قال أبو جعفر عليه السلام: الجنب والحائض يفتحان المصحف من وراء الثوب الخبر (3) وهذه الرواية لا تدل على وجوب الافتتاح من وراء الثوب لأن مس حواشي القرآن ومس ما عدا خطوط القرآن جائز بالاجماع فلا بد من حملها على الاستحباب لأنه لا ملازمة بين قراءة القرآن ومس خطوطه إلا أن يقال: إن المعلوم من مصاحف ذلك الزمان هو تحقق المس بالافتتاح ولكن دون اثبات ذلك خرط القتاد.
ومنها ما في مجمع البيان في قوله تعالى: لا يمسه إلا المطهرون قال: وقيل: المطهرون من الأحداث والجنابات وقالوا: لا يجوز للجنب والحائض والمحدث مس المصحف عن محمد بن علي الباقر عليه السلام وطاووس وعطاء وسالم وغيرهم انتهى (4).